وفد باكستاني رفيع المستوى يزور كابل لتهدئة التوترات بعد الاشتباكات الحدودية
في خطوة دبلوماسية تهدف إلى احتواء التوترات المتصاعدة، زار وفد باكستاني رفيع المستوى العاصمة الأفغانية كابل، في أول اجتماع من نوعه منذ اندلاع اشتباكات دامية على الحدود بين البلدين في سبتمبر 2023. هدفت الزيارة، التي جرت بعد أسابيع من إغلاق معبر طورخم الحدودي الحيوي، إلى إعادة فتح قنوات الحوار ومعالجة القضايا الأمنية والاقتصادية العالقة بين إسلام أباد وحكومة طالبان.

خلفية التوترات والاشتباكات الحدودية
تصاعدت حدة الخلافات بين باكستان وأفغانستان في أوائل سبتمبر 2023، عندما اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات حرس الحدود من الجانبين عند معبر طورخم، وهو شريان تجاري وإنساني رئيسي لكلا البلدين. جاءت المواجهات على خلفية بناء حكومة طالبان نقطة تفتيش جديدة على الجانب الأفغاني من الحدود، وهو ما اعتبرته باكستان انتهاكًا للاتفاقيات الثنائية. أسفرت الاشتباكات عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين، وأدت إلى إغلاق المعبر بشكل كامل، مما تسبب في تكدس آلاف الشاحنات التجارية وتوقف حركة المسافرين، وتفاقم الأوضاع الاقتصادية في أفغانستان التي تعتمد بشكل كبير على الواردات عبر باكستان.
تُعد هذه الحادثة حلقة في سلسلة طويلة من التوترات الحدودية بين البلدين، والتي تتغذى على خلافات تاريخية حول ترسيم "خط ديورند" كحدود دولية، بالإضافة إلى اتهامات باكستان المتكررة لحركة طالبان بإيواء عناصر من حركة طالبان باكستان (TTP)، التي تشن هجمات داخل الأراضي الباكستانية.
تفاصيل الزيارة ومباحثات الوفد
ترأس الوفد الباكستاني الممثل الخاص لباكستان في أفغانستان، آصف دراني، وعقد اجتماعات مكثفة مع كبار مسؤولي حكومة طالبان، بمن فيهم وزير الخارجية بالوكالة، أمير خان متقي. تركزت المباحثات على مجموعة من القضايا الملحة التي تهدف إلى إعادة الاستقرار للعلاقات الثنائية. شملت أجندة النقاشات المحاور التالية:
- إعادة فتح معبر طورخم: كانت الأولوية القصوى للجانبين هي التوصل إلى اتفاق لإعادة فتح المعبر لتسهيل حركة التجارة والأفراد وتخفيف الخسائر الاقتصادية.
- آليات منع الاشتباكات المستقبلية: ناقش الطرفان سبل إنشاء آليات تواصل وتنسيق مشتركة على المستويات المحلية والعليا لمنع تكرار الحوادث الحدودية وضمان حل الخلافات عبر القنوات الدبلوماسية.
- مكافحة الإرهاب: جددت باكستان مخاوفها الأمنية المتعلقة بنشاط حركة طالبان باكستان، مطالبة حكومة كابل باتخاذ إجراءات ملموسة لمنع استخدام الأراضي الأفغانية لشن هجمات ضدها.
- تعزيز التجارة والترانزيت: بحث الجانبان سبل تذليل العقبات أمام التجارة الثنائية، التي تعد عنصراً حيوياً لاقتصاد البلدين، وخاصة لأفغانستان التي لا تملك منفذاً بحرياً.
نتائج الزيارة وأهميتها
أثمرت الزيارة عن نتائج إيجابية فورية، حيث اتفق الطرفان على إعادة فتح معبر طورخم بعد أيام قليلة من المحادثات، مما شكل انفراجة للأزمة الإنسانية والاقتصادية التي تسبب بها الإغلاق. كما تم الاتفاق على تشكيل لجان فنية مشتركة لمناقشة القضايا الحدودية العالقة ووضع بروتوكولات واضحة لإدارة المعابر. تكمن أهمية هذه الزيارة في كونها أكدت على أن الحوار يظل الخيار الأساسي لكلا الجانبين لتجاوز الخلافات، على الرغم من انعدام الثقة العميق. كما سلطت الضوء على مدى الترابط بين أمن واستقرار البلدين، حيث لا يمكن لأحدهما تحقيق استقرار دائم دون تعاون الآخر. ومع ذلك، تبقى التحديات الكبرى قائمة، لا سيما فيما يتعلق بقضية حركة طالبان باكستان والنزاع الحدودي طويل الأمد، مما يجعل مستقبل العلاقات بين كابل وإسلام أباد مرهونًا بمدى الالتزام بتنفيذ مخرجات هذه المباحثات.



