آراء د. أحمد عمر هاشم في الشعراوي والحويني وصحيح البخاري: تفاصيل حوار سابق
في حوار صحفي أُجري قبل سنوات مع موقع "مصراوي"، أدلى الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، بتصريحات مهمة ومفصلة حول عدد من القضايا والشخصيات الدينية التي تثير جدلاً واسعاً في الأوساط المصرية والعربية. وقد أعيد تداول هذه التصريحات مؤخراً، مما سلط الضوء مجدداً على مواقفه من الإمام محمد متولي الشعراوي، والداعية السلفي أبو إسحاق الحويني، ومكانة كتاب صحيح البخاري.

دفاع مستميت عن صحيح البخاري
أكد الدكتور أحمد عمر هاشم على المكانة المحورية التي يحتلها كتاب "صحيح البخاري" في التراث الإسلامي، واصفاً إياه بأنه أصح كتاب بعد القرآن الكريم. وشدد على أن الأمة الإسلامية تلقت هذا الكتاب بالقبول على مر العصور، وأن الإجماع منعقد بين كبار العلماء على صحته ومكانته. واعتبر هاشم أن الهجمات التي تستهدف صحيح البخاري في العصر الحديث ليست مجرد نقد علمي، بل هي محاولات ممنهجة للتشكيك في السنة النبوية الشريفة بأكملها، والتي تمثل المصدر الثاني للتشريع في الإسلام. وأوضح أن الطعن في البخاري هو في حقيقته طعن في الدين نفسه، داعياً إلى ضرورة التمسك بثوابت الأمة وعدم الانجرار وراء الدعوات التي تهدف إلى هدم التراث.
إشادة كبيرة بالإمام الشعراوي
في سياق حديثه، وصف الدكتور هاشم الشيخ محمد متولي الشعراوي بأنه كان "هبة من الله" لهذه الأمة، وأحد أبرز المجددين في تفسير القرآن الكريم في العصر الحديث. وأثنى على قدرة الشعراوي الفذة على تبسيط معاني القرآن وشرحها بأسلوب يصل إلى قلوب وعقول عامة الناس والمثقفين على حد سواء. وأشار إلى أن منهجه في التفسير لم يكن مجرد شرح لغوي، بل كان خواطر إيمانية وروحانية عميقة مستمدة من نور القرآن. ورفض هاشم الانتقادات التي توجه للشيخ الشعراوي، مؤكداً أن تأثيره الإيجابي الواسع وإسهاماته في نشر الوعي الديني الصحيح تجعله قامة إسلامية عظيمة لا يجوز المساس بها.
نقد حاد للشيخ الحويني
على النقيض من إشادته بالشعراوي، وجه الدكتور أحمد عمر هاشم انتقادات لاذعة للداعية السلفي أبو إسحاق الحويني، خاصة في مجال علم الحديث. صرح هاشم بأن الحويني ليس من أهل الاختصاص في هذا العلم الدقيق، بل وذهب إلى أبعد من ذلك قائلاً إنه "لا يعرف ألف باء في علم الحديث"، وذلك في إشارة إلى افتقاره للأساسيات العلمية اللازمة للتصدي لهذا المجال. واستند في حكمه إلى مواقف ونقاشات سابقة وجد فيها أن الحويني يفتقر إلى المنهجية العلمية الرصينة. ويرى هاشم أن تصدي غير المتخصصين للفتوى والحديث عن الدين يسبب بلبلة وفتنة في المجتمع، مشدداً على أن هذا الأمر يجب أن يقتصر على العلماء الراسخين في العلم من خريجي الأزهر الشريف.
أهمية التصريحات وسياقها
تكتسب هذه التصريحات أهميتها من كونها صادرة عن شخصية أزهرية بارزة بحجم الدكتور أحمد عمر هاشم، الذي شغل منصب رئيس جامعة الأزهر سابقاً. وتعكس هذه الآراء بوضوح موقف المؤسسة الأزهرية التقليدية من عدة تيارات وقضايا، أبرزها:
- الموقف من التراث: التمسك الشديد بصحة ومكانة أمهات الكتب كصحيح البخاري ورفض التشكيك فيها.
- الموقف من رموز الاعتدال: تبجيل قامات مثل الشيخ الشعراوي واعتباره نموذجاً للوسطية الأزهرية.
- الموقف من التيار السلفي: التحفظ الشديد على بعض رموزه، مثل الشيخ الحويني، وانتقاد منهجيتهم العلمية التي يراها الأزهر مخالفة لمنهجه الراسخ.
لذلك، فإن إعادة تداول هذا الحوار يعكس استمرار الجدل الفكري والديني في مصر حول مصادر التلقي الديني، وحدود النقد، ومنهجية التعامل مع التراث، والانقسام بين المدرسة الأزهرية التقليدية والتيار السلفي المعاصر.





