أسعار الذهب تتراجع قبيل قرار الفيدرالي الأمريكي الحاسم
شهدت أسعار الذهب انخفاضًا ملحوظًا في تداولات اليوم، حيث يتبنى المستثمرون موقفًا حذرًا قبل الإعلان المرتقب لقرار السياسة النقدية من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. يأتي هذا التراجع في ظل قوة الدولار الأمريكي وارتفاع عوائد سندات الخزانة، مما يزيد من الضغط على المعدن الأصفر الذي لا يدر عائدًا.

خلفية حركة الأسعار
خلال جلسات التداول الأخيرة، انخفض سعر أوقية الذهب دون مستويات دعم رئيسية، متأثرًا بالبيانات الاقتصادية القوية التي صدرت مؤخرًا من الولايات المتحدة. وقد أدت هذه البيانات إلى تعزيز التوقعات بأن البنك المركزي قد يؤجل خططه لبدء دورة تيسير نقدي وخفض أسعار الفائدة. وتنعكس هذه الحالة من الترقب في الأسواق العالمية، حيث يفضل المتداولون انتظار وضوح الرؤية بشأن المسار المستقبلي لأسعار الفائدة قبل اتخاذ مراكز استثمارية كبيرة.
تتمثل العلاقة العكسية بين الذهب والدولار في أن ارتفاع قيمة العملة الأمريكية يجعل الذهب أكثر تكلفة للمشترين الذين يستخدمون عملات أخرى. وفي الوقت نفسه، يؤدي ارتفاع عوائد السندات الحكومية إلى زيادة تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالذهب، لأنه أصل لا يقدم أي فائدة أو توزيعات أرباح.
ترقب قرار السياسة النقدية
يتركز اهتمام الأسواق بشكل كامل على اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية (FOMC)، حيث لا يُتوقع أن يتم تغيير أسعار الفائدة الحالية. لكن الأهمية تكمن في البيان المصاحب للقرار والمؤتمر الصحفي الذي سيعقده رئيس الفيدرالي، جيروم باول. يبحث المستثمرون عن أي إشارات أو تلميحات حول الجدول الزمني المحتمل لخفض الفائدة خلال العام الجاري.
تأثرت توقعات السوق بعدة عوامل رئيسية في الفترة الأخيرة، منها:
- مؤشرات التضخم: أظهرت بيانات مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) ومؤشر أسعار المنتجين (PPI) استمرار الضغوط التضخمية بشكل يفوق التوقعات، مما يقلل من حاجة الفيدرالي إلى التسرع في خفض الفائدة.
- بيانات سوق العمل: جاءت أرقام التوظيف قوية، مع نمو مستمر في الوظائف والأجور، وهو ما يشير إلى متانة الاقتصاد الأمريكي وقدرته على تحمل أسعار فائدة مرتفعة لفترة أطول.
- تصريحات أعضاء الفيدرالي: صدرت عن عدد من مسؤولي البنك المركزي تصريحات تميل إلى التشدد، حيث أكدوا على ضرورة رؤية المزيد من الأدلة على تراجع التضخم بشكل مستدام نحو هدف 2% قبل التفكير في أي تيسير نقدي.
التأثير على المستثمرين والأسواق
تسود حالة من الحذر في أوساط المستثمرين، حيث أدى عدم اليقين بشأن سياسة الفيدرالي إلى تقلبات في أسواق الأصول المختلفة. يواجه الذهب ضغوطًا مزدوجة من ارتفاع تكلفة الاقتراض وتزايد جاذبية الأصول التي تدر فائدة. على الرغم من أن التوترات الجيوسياسية في مناطق مختلفة من العالم قد توفر بعض الدعم للذهب كأصل آمن، إلا أن تأثير السياسة النقدية الأمريكية يظل هو المحرك الأساسي للأسعار في الوقت الراهن.
نظرة مستقبلية
يتوقف المسار قصير الأجل لأسعار الذهب على اللهجة التي سيعتمدها الاحتياطي الفيدرالي في بيانه. فإذا كانت التصريحات تميل إلى التشديد (Hawkish)، مع التأكيد على استمرار المعركة ضد التضخم، فقد يتعرض الذهب لمزيد من الانخفاض. أما إذا فاجأ الفيدرالي الأسواق بلهجة أكثر تساهلاً (Dovish)، مشيرًا إلى إمكانية خفض الفائدة في وقت أقرب مما هو متوقع، فقد يشهد المعدن الثمين انتعاشًا قويًا. سيقوم المحللون أيضًا بمراجعة دقيقة لتوقعات اللجنة الاقتصادية، المعروفة باسم "مخطط النقاط"، والتي توضح توقعات أعضاء الفيدرالي لمسار الفائدة المستقبلي.





