إسرائيل تهنئ رئيس بوليفيا الجديد أملاً في الحفاظ على العلاقات الدبلوماسية
في خطوة دبلوماسية لافتة، وجهت وزارة الخارجية الإسرائيلية في أوائل نوفمبر 2020 تهنئة رسمية إلى الرئيس البوليفي المنتخب حديثًا، لويس آرسي، معربة عن أملها في استمرار وتعزيز العلاقات الثنائية التي تم استعادتها مؤخرًا. تأتي هذه المبادرة في سياق تاريخ متقلب للعلاقات بين البلدين، مما يطرح تساؤلات حول مستقبلها في ظل الحكومة اليسارية الجديدة في بوليفيا.
خلفية العلاقات المتقلبة بين البلدين
تعود جذور التوتر الدبلوماسي بين إسرائيل وبوليفيا إلى عام 2009، حين قرر الرئيس اليساري آنذاك، إيفو موراليس، قطع العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل. جاء هذا القرار كرد فعل على العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، والتي عُرفت باسم "الرصاص المصبوب". في ذلك الوقت، وصفت حكومة موراليس الإجراءات الإسرائيلية بأنها "جرائم ضد الإنسانية"، وانضمت بوليفيا إلى دول أخرى في أمريكا اللاتينية، مثل فنزويلا، في اتخاذ موقف متشدد ضد إسرائيل.
ظل هذا الوضع قائمًا لمدة عقد من الزمن، حتى شهدت بوليفيا تغييرًا سياسيًا جذريًا في أواخر عام 2019. بعد استقالة موراليس وسط احتجاجات واسعة، تولت الحكومة المؤقتة برئاسة جانين آنييث السلطة، والتي قامت بإعادة توجيه السياسة الخارجية للبلاد. كجزء من هذا التحول، أعلنت آنييث في نوفمبر 2019 عن استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، في خطوة لاقت ترحيبًا من إسرائيل والولايات المتحدة، وعكست تقارب حكومتها مع التوجهات السياسية المحافظة في المنطقة.
انتخاب آرسي ورد الفعل الإسرائيلي
شكلت الانتخابات الرئاسية التي جرت في أكتوبر 2020 نقطة تحول جديدة، حيث حقق لويس آرسي، مرشح حزب "الحركة نحو الاشتراكية" الذي ينتمي إليه موراليس، فوزًا ساحقًا. أثار فوزه تكهنات حول إمكانية تراجع الحكومة الجديدة عن قرار استئناف العلاقات مع إسرائيل، والعودة إلى سياسة موراليس الخارجية.
وفي مواجهة هذا الاحتمال، بادرت إسرائيل بالتحرك دبلوماسيًا. حيث أصدر وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك، غابي أشكنازي، بيانًا رسميًا يهنئ فيه آرسي بفوزه في الانتخابات. لم تكن التهنئة مجرد إجراء بروتوكولي، بل حملت رسالة واضحة تعبر عن رغبة إسرائيل في الحفاظ على القنوات الدبلوماسية مفتوحة وتطوير التعاون بين البلدين، متجاوزة الخلافات الأيديولوجية السابقة.
دلالات الخطوة وأهميتها للمستقبل
تكتسب هذه التهنئة أهمية خاصة لكونها تمثل محاولة استباقية من جانب إسرائيل لتثبيت علاقاتها في منطقة أمريكا اللاتينية التي تشهد تحولات سياسية مستمرة. فبالنسبة لإسرائيل، يعد الحفاظ على أكبر عدد ممكن من العلاقات الدبلوماسية هدفًا استراتيجيًا لمواجهة العزلة على الساحة الدولية. كانت تأمل أن تتبنى حكومة آرسي نهجًا أكثر براغماتية في سياستها الخارجية مقارنة بسلفه موراليس.
من ناحية أخرى، وضعت هذه المبادرة الإسرائيلية حكومة آرسي الجديدة أمام اختبار لتحديد ملامح سياستها الخارجية. فالقرار بشأن مستقبل العلاقات مع إسرائيل أصبح مؤشرًا على ما إذا كانت بوليفيا ستتبع مسارًا مستقلاً أم ستعود بالكامل إلى المحور السياسي الذي كان يقوده موراليس. وبهذا، تعكس هذه التهنئة مدى تعقيد وتشابك العلاقات الدولية، حيث تسعى الدول إلى حماية مصالحها وسط التغيرات السياسية والأيديولوجية المستمرة حول العالم.





