إيران تسعى لتعزيز أسطولها الجوي بمقاتلات متطورة
في أوائل شهر سبتمبر/أيلول الماضي، أفادت تقارير إعلامية نقلاً عن مصادر رسمية إيرانية، منها عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، أبو الفضل ظهروند، بوصول مقاتلات روسية من طراز ميغ-29 (Mig-29) إلى قاعدة شيراز الجوية. تعتبر هذه القاعدة إحدى أهم القواعد الجوية الاستراتيجية للجمهورية الإسلامية، والمكلفة بالدفاع عن المناطق الوسطى والجنوبية. تأتي هذه الخطوة في سياق جهود إيران المستمرة لتحديث قواتها الجوية وزيادة قدرتها على مواجهة التحديات الأمنية الإقليمية المتزايدة، خصوصاً بعد الضربات الإسرائيلية التي أفادت تقارير بأنها ألحقت أضراراً كبيرة بأسطول الطائرات الإيراني وأنظمة دفاعه الجوي في يونيو/حزيران الماضي.

خلفية تاريخية وأهمية التحديث
لطالما اعتمدت القوات الجوية الإيرانية على أسطول قديم يعود جزء كبير منه إلى حقبة ما قبل الثورة الإسلامية عام 1979. تشمل هذه الطائرات مقاتلات أمريكية الصنع مثل إف-4 فانتوم (F-4 Phantom) وإف-5 (F-5) وإف-14 تومكات (F-14 Tomcat). وعلى مدى عقود، حالت العقوبات الدولية الصارمة دون قدرة إيران على تحديث أسطولها الجوي أو شراء قطع غيار ضرورية، مما أثر بشكل كبير على جاهزيتها العملياتية. تهدف مساعي إيران الحالية لاقتناء مقاتلات متطورة إلى سد هذه الفجوة الاستراتيجية وإعادة بناء قدرتها الرادعة.
التهديدات الإقليمية ودافع التحديث
تعمل إيران في بيئة إقليمية معقدة ومتوترة، حيث تواجه ما تعتبره تهديدات مستمرة من قوى إقليمية ودولية. تعد إسرائيل والولايات المتحدة في طليعة هذه القوى، وتصاعدت التوترات بين طهران وتل أبيب بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة. تشمل هذه التوترات حوادث متكررة لضربات جوية يُعتقد أن إسرائيل نفذتها ضد أهداف إيرانية أو تابعة لإيران في سوريا. كما أن الهجمات السيبرانية والتخريب في منشآت إيرانية حساسة تُنسب في كثير من الأحيان إلى هذه الجهات. في يونيو/حزيران الماضي، أفادت تقارير بأن سلسلة من الضربات الجوية، يُعتقد أنها إسرائيلية، استهدفت مواقع إيرانية، مما أدى إلى أضرار جسيمة في بعض الطائرات وأنظمة الدفاع الجوي الإيرانية. دفعت هذه الأحداث إيران إلى تسريع جهودها لتعزيز قدراتها الدفاعية، خصوصاً في المجال الجوي الذي يعتبر نقطة ضعف نسبية لها.
التعاون العسكري مع روسيا
يأتي التعاون العسكري مع روسيا كركيزة أساسية في استراتيجية إيران لتحديث قواتها. فالعلاقات بين البلدين تعززت بشكل كبير، خاصة في ظل العقوبات الغربية المفروضة على كليهما. وتعتبر روسيا، التي تبحث عن حلفاء في مواجهة الضغوط الغربية، شريكاً طبيعياً لإيران في هذا السياق. وقد شمل هذا التعاون في السابق توريد أنظمة دفاع جوي مثل إس-300 (S-300). التقارير حول وصول مقاتلات ميغ-29 تمثل استمراراً لهذا التوجه، كما أن هناك توقعات واسعة النطاق بشأن إمكانية حصول إيران على مقاتلات سو-35 (Su-35) الأكثر تقدماً من روسيا في المستقبل القريب. ستوفر هذه المقاتلات تحسينات كبيرة في القدرات الجوية الإيرانية، بما في ذلك التكنولوجيا الرادارية، والحمولة من الأسلحة، والمناورة الجوية.
التداعيات المحتملة والتحديات
- التدريب والتكامل: يتطلب دمج طائرات جديدة ومتطورة تدريبًا مكثفًا للطيارين وطواقم الصيانة، فضلاً عن تحديث البنية التحتية للقواعد الجوية.
- الصيانة وقطع الغيار: على الرغم من التعاون مع روسيا، قد تظل مسألة توفير قطع الغيار والصيانة على المدى الطويل تحديًا، خاصة في ظل استمرار العقوبات.
- ردود الفعل الإقليمية والدولية: من المتوقع أن يثير هذا التحديث قلقاً كبيراً لدى الدول المجاورة وإسرائيل والولايات المتحدة، مما قد يؤدي إلى تصعيد التوترات أو سباق تسلح إقليمي.
الخلاصة
تؤكد جهود إيران للحصول على مقاتلات متطورة على تصميمها على تعزيز قدراتها الدفاعية في مواجهة التحديات الأمنية المعقدة. وبينما تمثل مقاتلات ميغ-29 خطوة أولية، فإن الأنظار تتجه نحو صفقات محتملة لمقاتلات أكثر تقدماً، مما سيحدد بشكل كبير المشهد الأمني في الشرق الأوسط في السنوات القادمة.





