اتفاق فلسطيني بالقاهرة على تشكيل لجنة مؤقتة لإدارة غزة والدعوة لقوات دولية
في خطوة سياسية بارزة، توصلت الفصائل الفلسطينية المجتمعة في العاصمة المصرية القاهرة خلال محادثات جرت مؤخراً إلى تفاهمات مشتركة بشأن إدارة قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب. برعاية مصرية، هدفت الاجتماعات إلى توحيد الموقف الفلسطيني ورسم خارطة طريق لمستقبل القطاع، حيث تم الاتفاق على عدد من النقاط المحورية التي تشكل أساساً لإدارة مدنية مؤقتة.

أبرز مخرجات اجتماع القاهرة
تمحور الاتفاق الذي تم التوصل إليه حول بندين رئيسيين، الأول يتعلق بالإدارة الداخلية للقطاع، والثاني يخص ضمانات أمنية دولية. وتفصيلاً، شملت المخرجات ما يلي:
- تشكيل لجنة إدارة مؤقتة: اتفقت الفصائل على ضرورة تشكيل لجنة فنية مؤقتة تتألف من شخصيات فلسطينية مستقلة وتكنوقراط. ستكون مهمة هذه اللجنة إدارة الشؤون المدنية والحكومية في قطاع غزة، والإشراف المباشر على عمليات إدخال المساعدات الإنسانية، والبدء في وضع خطط لإعادة الإعمار. ويهدف هذا الإجراء إلى ضمان استمرارية تقديم الخدمات الأساسية للسكان وتجنب حدوث فراغ إداري أو أمني.
 - الدعوة لنشر قوات دولية: تضمنت التفاهمات الدعوة إلى استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يقضي بنشر قوات دولية أو أممية في الأراضي الفلسطينية. وستتركز مهمة هذه القوات في مراقبة وقف إطلاق النار، وضمان حماية المدنيين، والإشراف على انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وتأمين الممرات الإنسانية بشكل دائم.
 
السياق والخلفية السياسية
تأتي هذه المحادثات في ظل استمرار الحرب المدمرة في غزة والنقاش الدولي المتصاعد حول ما يُعرف بـ "اليوم التالي" للحرب. وتسعى الفصائل الفلسطينية من خلال هذا الاتفاق إلى تقديم رؤية فلسطينية موحدة لمستقبل القطاع، تقطع الطريق على أية سيناريوهات خارجية قد تُفرض على الفلسطينيين. ويُعد هذا الاجتماع محاولة جادة لتجاوز حالة الانقسام السياسي المستمر منذ عام 2007 بين حركتي فتح وحماس، والذي أضعف الموقف الفلسطيني على الساحة الدولية. وتلعب مصر دوراً محورياً كوسيط تاريخي، حيث تسعى إلى تحقيق استقرار إقليمي ومنع تفاقم الأزمة الإنسانية على حدودها.
الأهمية والتحديات المستقبلية
يكتسب هذا الاتفاق أهميته من كونه يمثل توافقاً نادراً بين القوى السياسية الفلسطينية الرئيسية على رؤية مشتركة لإدارة شؤونهم الداخلية في فترة حرجة. فهو يقدم بديلاً فلسطينياً خالصاً للطروحات الدولية المتعلقة بمستقبل غزة. ومع ذلك، يواجه تطبيق هذا الاتفاق تحديات هائلة، أبرزها:
- الموقف الإسرائيلي والدولي: يُعد الحصول على موافقة أو قبول دولي، خاصة من جانب إسرائيل والولايات المتحدة، العقبة الأكبر. فكلا الطرفين يرفضان أي دور سياسي لحركة حماس في مستقبل غزة، مما قد يعرقل تشكيل أي لجنة تحظى بقبول الحركة.
 - آليات التنفيذ: تبقى تفاصيل تشكيل اللجنة، وتحديد صلاحياتها، وتوفير الموارد المالية اللازمة لعملها، أموراً تتطلب المزيد من النقاش والتوافق العملي على الأرض.
 - هشاشة التوافق الداخلي: يعتمد نجاح الاتفاق على مدى التزام جميع الفصائل ببنوده، وقدرتها على ترجمة التفاهمات السياسية إلى إجراءات عملية ومستدامة، وهو ما أثبتت التجارب السابقة صعوبته.
 
وفي الختام، يمثل اتفاق القاهرة خطوة أولى ومهمة على طريق إعادة ترتيب البيت الفلسطيني، لكن نجاحه النهائي مرهون بالقدرة على تجاوز العقبات السياسية والميدانية الكبيرة التي تقف في طريقه.





