استئناف محاكمة نتنياهو بتهم الفساد بعد توقف دام شهراً
استأنفت المحكمة المركزية في القدس، يوم الأربعاء، جلسات محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وذلك بعد توقف دام نحو شهر بسبب العطلة القضائية. ويمثل نتنياهو أمام القضاء في سلسلة من التهم الخطيرة التي تشمل الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة في ثلاث قضايا منفصلة، والتي ألقت بظلالها على المشهد السياسي الإسرائيلي لسنوات.

التهم الرئيسية الموجهة لنتنياهو
تستند لائحة الاتهام ضد نتنياهو إلى ثلاث قضايا رئيسية، تُعرف إعلامياً بأرقامها، وقد شكلت محور التحقيقات التي استمرت لسنوات قبل أن تصل إلى قاعات المحكمة. كل قضية تتناول نمطاً مختلفاً من السلوكيات المزعومة التي تشكل انتهاكاً للقانون.
- القضية 1000: تتعلق هذه القضية بتلقي نتنياهو وزوجته هدايا فاخرة، مثل السيجار الكوبي والشمبانيا والمجوهرات، من رجال أعمال أثرياء، أبرزهم المنتج الهوليوودي أرنون ميلتشان ورجل الأعمال الأسترالي جيمس باكر. وتقدر قيمة الهدايا بمئات آلاف الشواقل. في المقابل، يُتهم نتنياهو بتقديم خدمات ومساعدات لهؤلاء، بما في ذلك المساعدة في الحصول على تأشيرة دخول للولايات المتحدة لميلتشان، والترويج لقانون يعفي الإسرائيليين العائدين من الخارج من الضرائب لمدة عشر سنوات، وهو ما كان سيفيد ميلتشان بشكل مباشر.
- القضية 2000: ترتكز هذه القضية على محادثات مسجلة بين نتنياهو وأرنون موزيس، ناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت" واسعة الانتشار. يُزعم أن نتنياهو ناقش مع موزيس إمكانية الحصول على تغطية إعلامية إيجابية في الصحيفة مقابل التضييق على الصحيفة المنافسة "يسرائيل هيوم"، والتي كانت تدعم نتنياهو بقوة.
- القضية 4000: تعتبر هذه القضية الأخطر، حيث يواجه فيها نتنياهو تهمة الرشوة. وتتمحور حول علاقة نتنياهو بـشاؤول إيلوفيتش، المساهم المسيطر السابق في شركة الاتصالات العملاقة "بيزك". يُتهم نتنياهو، خلال فترة توليه منصب وزير الاتصالات، بتقديم تسهيلات تنظيمية وتشريعية تعود بالفائدة المالية على إيلوفيتش وشركته، وفي المقابل، حصل نتنياهو على تغطية إخبارية إيجابية ومنحازة له ولعائلته في موقع "واللا" الإخباري، الذي كان يملكه إيلوفيتش آنذاك.
خلفية المحاكمة وسياقها
بدأت محاكمة نتنياهو رسمياً في مايو 2020، لتكون المرة الأولى في تاريخ إسرائيل التي يمثل فيها رئيس وزراء في منصبه أمام محكمة كمتهم في قضايا جنائية. ومنذ بداية التحقيقات، يصر نتنياهو على براءته، واصفاً الإجراءات القانونية بأنها "حملة اضطهاد" و"محاولة انقلاب" مدبرة من قبل خصومه السياسيين ووسائل الإعلام والنخبة القضائية بهدف الإطاحة به من السلطة. وقد أثرت المحاكمة بشكل عميق على الحياة السياسية في إسرائيل، حيث كانت عاملاً رئيسياً في سلسلة الانتخابات المتتالية التي شهدتها البلاد، كما غذت حركة احتجاجات واسعة تطالب باستقالته.
أبرز التطورات الأخيرة
مع استئناف الجلسات، تركز المحكمة حالياً على الاستماع لشهادات شهود الإثبات الرئيسيين ومناقشتهم من قبل فريق الدفاع. وقد شهدت المراحل السابقة من المحاكمة شهادات مهمة من مساعدين سابقين لنتنياهو تحولوا إلى شهود ملك ضده، مما قدم للمحكمة روايات مفصلة من داخل مكتب رئيس الوزراء. وتأثرت وتيرة المحاكمة بالأحداث السياسية والأمنية، بما في ذلك الحرب في غزة، حيث تم تعديل جدول الجلسات في بعض الأحيان. ويتوقع المراقبون أن تستمر الإجراءات القضائية لفترة طويلة قد تمتد لسنوات أخرى قبل الوصول إلى حكم نهائي، نظراً لتعقيد القضايا وكثرة الشهود والأدلة التي يتم تقديمها.
الأهمية والتداعيات المحتملة
تحمل هذه المحاكمة أهمية رمزية وقانونية كبيرة، إذ يُنظر إليها على أنها اختبار حاسم لاستقلالية النظام القضائي الإسرائيلي ومبدأ سيادة القانون، الذي يفترض أن الجميع سواسية أمامه، بمن فيهم أصحاب المناصب العليا. وستكون لنتائج المحاكمة تداعيات بعيدة المدى على مستقبل نتنياهو السياسي. ففي حال إدانته، قد يواجه عقوبة السجن وينهي مسيرته السياسية الطويلة. أما في حال تبرئته، فسيعتبر ذلك انتصاراً كبيراً له، وقد يعزز من روايته بأنه كان ضحية لمؤامرة سياسية، مما قد يقوي موقفه الشعبي والسياسي.





