الأمم المتحدة تحذر: عقبات متزايدة تعرقل وصول المساعدات لمناطق المجاعة في غزة
تواصل وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية دق ناقوس الخطر بشأن التحديات الجسيمة التي تواجه عملياتها لإيصال المساعدات الإنسانية الحيوية إلى قطاع غزة، خاصة في المناطق الشمالية التي تواجه خطر المجاعة الوشيك. وتشير التقارير الصادرة خلال الأسابيع الأخيرة إلى أن العقبات الإدارية واللوجستية والأمنية المفروضة تعيق بشكل كبير قدرة العاملين في المجال الإنساني على الوصول إلى مئات الآلاف من المدنيين المحتاجين، مما يفاقم الأزمة الإنسانية التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها "من صنع الإنسان".
تفاصيل العقبات والتحديات
تتعدد العوائق التي تمنع تدفق المساعدات بشكل كافٍ ومنتظم. وتؤكد منظمات مثل برنامج الأغذية العالمي (WFP) ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) أن التحديات لا تقتصر على كمية المساعدات التي تدخل القطاع، بل تشمل أيضاً القدرة على توزيعها بأمان وفعالية في الداخل. تشمل أبرز هذه العقبات:
- قيود الوصول والرفض الإداري: تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن السلطات الإسرائيلية ترفض نسبة كبيرة من طلبات قوافل المساعدات المتجهة إلى شمال غزة. وتخضع الشاحنات لعمليات تفتيش معقدة وبطيئة عند المعابر، مما يؤدي إلى تأخيرات طويلة، كما يتم رفض دخول العديد من المواد الأساسية التي تصنفها إسرائيل على أنها "مزدوجة الاستخدام".
- المخاطر الأمنية: يشكل القتال الدائر والغياب شبه التام لآليات التنسيق الفعالة لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني (deconfliction) تهديداً مباشراً. وقد تعرضت قوافل ومستودعات تابعة للأمم المتحدة للقصف، كما سقط العديد من عمال الإغاثة ضحايا للنزاع، مما يجبر المنظمات على تعليق عملياتها مؤقتاً في بعض الأحيان.
- تدمير البنية التحتية: أدى الدمار الهائل للطرق والجسور والمناطق السكنية إلى جعل العديد من المسارات غير صالحة للاستخدام، مما يزيد من صعوبة وصول الشاحنات إلى السكان المحاصرين.
- انهيار النظام العام: أدى اليأس والجوع الشديد إلى انهيار القانون والنظام في أجزاء من القطاع، حيث تتعرض قوافل المساعدات أحياناً للنهب من قبل حشود يائسة قبل أن تصل إلى نقاط التوزيع المخصصة.
الأبعاد الإنسانية الكارثية
تتركز الأزمة بشكل أكبر في شمال قطاع غزة، حيث يعاني السكان من مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي. وفقاً لتقارير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، يواجه أكثر من 300,000 شخص في الشمال ظروف المجاعة. وقد سجلت وزارة الصحة في غزة ومنظمات دولية وفيات بين الأطفال وكبار السن بسبب سوء التغذية الحاد والجفاف. وتتفاقم الأزمة الصحية مع انهيار معظم المستشفيات والمرافق الطبية، مما يجعل علاج الأمراض المرتبطة بالجوع شبه مستحيل.
الجهود الدولية وردود الفعل
في مواجهة القيود المفروضة على الوصول البري، لجأت عدة دول إلى حلول بديلة مثل عمليات الإسقاط الجوي للمساعدات وإنشاء ممر بحري من قبرص. ومع ذلك، تؤكد الأمم المتحدة مراراً وتكراراً أن هذه الأساليب مكلفة وغير فعالة ولا يمكن أن تكون بديلاً عن إيصال المساعدات براً بكميات كبيرة. وتشدد على أن فتح جميع المعابر البرية المتاحة وتسهيل حركة المرور الآمنة داخل غزة هو السبيل الوحيد لتجنب كارثة إنسانية أوسع نطاقاً. من جانبها، تؤكد السلطات الإسرائيلية أنها لا تضع قيوداً على كمية المساعدات الإنسانية التي يمكن أن تدخل غزة، وتلقي باللوم في كثير من الأحيان على الأمم المتحدة لعدم قدرتها على توزيع المساعدات التي تصل إلى المعابر بكفاءة، بالإضافة إلى اتهام حركة حماس بالاستيلاء على الإمدادات.
ومع استمرار تفاقم الوضع، تتزايد الدعوات الدولية من الحكومات والمنظمات الحقوقية لجميع الأطراف للامتثال للقانون الإنساني الدولي وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل فوري وآمن ودون عوائق إلى جميع المدنيين في قطاع غزة.





