الإدارية العليا ترفض طعن "التعليم العالي" و"عين شمس" وتؤيد أكاديمية شهادات التعليم المدمج
في تطور قضائي حاسم، أسدلت المحكمة الإدارية العليا في مصر الستار على نزاع استمر لسنوات بخصوص الطبيعة القانونية للشهادات الممنوحة لخريجي برامج التعليم المفتوح والمدمج. فقد قضت المحكمة، في جلسة عُقدت مؤخراً، برفض الطعنين المقدمين من كل من وزير التعليم العالي ورئيس جامعة عين شمس، مؤيدة بذلك الحكم الصادر سابقاً من محكمة القضاء الإداري والذي يقر بالطبيعة الأكاديمية لهذه الشهادات.

خلفية النزاع الطويل
بدأت الأزمة عندما قرر المجلس الأعلى للجامعات تعديل مسمى الشهادات التي يحصل عليها خريجو برامج التعليم المفتوح، ومن بعده التعليم المدمج، من شهادة "أكاديمية" إلى شهادة "مهنية". كان لهذا القرار تداعيات كبيرة على آلاف الطلاب والخريجين، حيث أدى إلى حرمانهم من استكمال دراساتهم العليا (الماجستير والدكتوراه) التي تشترط الحصول على مؤهل أكاديمي، كما خلق عقبات أمام تسجيلهم في بعض النقابات المهنية.
أثار هذا التغيير استياءً واسعاً في أوساط الطلاب الذين التحقوا بهذه البرامج على أساس أنها تمنح مؤهلاً أكاديمياً معترفاً به، مما دفع عدداً منهم إلى اللجوء للقضاء لإلغاء قرار المجلس الأعلى للجامعات واستعادة حقوقهم المكتسبة.
مسار التقاضي والحكم الأولي
رفع المتضررون دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري، التي نظرت في القضية وأقرت بأحقيتهم. أصدرت المحكمة حكماً تاريخياً لصالح الطلاب، قضى بإلغاء قرار تحويل الشهادات إلى مهنية، وألزمت وزارة التعليم العالي والجامعات المعنية بمنح الخريجين شهادات أكاديمية. استندت المحكمة في حيثيات حكمها إلى مبدأ حماية الحقوق المكتسبة والمراكز القانونية المستقرة للطلاب الذين التحقوا بالدراسة وفقاً لشروط معينة لا يجوز تغييرها بأثر رجعي يضر بمستقبلهم الأكاديمي والمهني.
ورغم صدور هذا الحكم، لم تقبل وزارة التعليم العالي وجامعة عين شمس به، وقررتا الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، وهي أعلى جهة في القضاء الإداري المصري، سعياً لإلغاء الحكم الأولي وتثبيت قرار منح الشهادات المهنية.
الحكم النهائي والحاسم للمحكمة الإدارية العليا
نظرت دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا في الطعنين المقدمين، وبعد المداولة أصدرت حكمها النهائي والبات برفضهما. وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها على صحة وسلامة الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري، مرسخة بذلك مبدأً قضائياً هاماً. ويترتب على هذا الحكم النهائي ما يلي:
- تأكيد الصفة الأكاديمية لشهادات التعليم المفتوح (بنظامها القديم) والتعليم المدمج.
- إلزام وزارة التعليم العالي والجامعات المصرية بتنفيذ الحكم وتعديل الشهادات الصادرة سابقاً لتصبح أكاديمية.
- أحقية الخريجين في التقدم للدراسات العليا والتسجيل في النقابات المهنية التي تتطلب مؤهلاً أكاديمياً.
الأهمية والتأثير المستقبلي
يمثل هذا الحكم انتصاراً قضائياً مهماً للطلاب والخريجين، حيث يعيد إليهم حقوقاً أساسية تأثرت بالقرارات الإدارية السابقة. كما يضع حداً لحالة من عدم اليقين القانوني التي أحاطت بمستقبل هؤلاء الخريجين لسنوات. ويُعد الحكم بمثابة رسالة واضحة تؤكد على أهمية استقرار المراكز القانونية وعدم المساس بالحقوق المكتسبة للطلاب، مما يعزز الثقة في النظام التعليمي والقضائي على حد سواء. ومن المتوقع أن تبدأ الجامعات المعنية في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ منطوق الحكم في أقرب وقت، وتسوية أوضاع جميع الخريجين المتأثرين.




