الإغلاق الحكومي الأطول في تاريخ أميركا: ترامب يحمل الديمقراطيين المسؤولية
شهدت الولايات المتحدة الأميركية، في مطلع عام 2019، أطول إغلاق حكومي في تاريخها، استمر لمدة 35 يوماً، تاركاً مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين إما في إجازة إجبارية أو يعملون بدون أجر. وقد أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ذلك الوقت أن البلاد تمر رسمياً بأطول فترة توقف للعمليات الحكومية، وحمل الديمقراطيين المسؤولية الكاملة عن هذا الوضع المتأزم.

خلفية الأزمة وأسبابها
بدأ الإغلاق الحكومي في 22 ديسمبر 2018، وامتد حتى 25 يناير 2019. كان السبب الرئيسي وراء هذا الجمود هو مطالبة الرئيس ترامب بتخصيص 5.7 مليار دولار لتمويل بناء جدار على الحدود الجنوبية مع المكسيك، وهو وعد انتخابي محوري له. في المقابل، عارض الديمقراطيون، الذين كانوا قد استعادوا للتو السيطرة على مجلس النواب بعد انتخابات التجديد النصفي لعام 2018، بشدة هذا التمويل، معتبرين الجدار غير فعال ومكلف وغير أخلاقي.
كانت الخلافات حول ميزانية الأمن الحدودي قد وصلت إلى طريق مسدود في الكونغرس، حيث رفض ترامب التوقيع على أي مشروع قانون للإنفاق لا يتضمن التمويل المطلوب للجدار. أدت هذه المواجهة إلى توقف عمل حوالي ربع الإدارات والوكالات الفيدرالية، مما أثر على قطاعات حيوية تتراوح بين الأمن والنقل والخدمات البيئية.
التطورات الرئيسية وتأثيرها
خلال فترة الإغلاق، تصاعدت حدة التوتر السياسي بين البيت الأبيض والديمقراطيين:
- رفض الرئيس ترامب مشاريع قوانين الإنفاق التي أقرها مجلس الشيوخ والتي لم تتضمن تمويلاً للجدار.
- أقر الديمقراطيون في مجلس النواب تشريعات لإعادة فتح الحكومة دون تمويل الجدار، لكن هذه التشريعات تم حظرها من قبل الجمهوريين في مجلس الشيوخ.
- تأثر ما يقرب من 800 ألف موظف فيدرالي، حيث اضطر جزء منهم إلى الإجازة الإجبارية (furloughed)، بينما استمر آخرون في العمل بدون أجر، مثل موظفي إدارة أمن النقل (TSA) وحرس السواحل.
- عانت العديد من الخدمات الحكومية الأساسية من تعطل كبير، بما في ذلك فحص الأغذية، وإصدار القروض السكنية، وصيانة المتنزهات الوطنية، مما أثر بشكل مباشر على حياة المواطنين الأميركيين والاقتصاد.
- فشل العديد من محاولات التفاوض بين الجانبين، واستمر كل طرف في إلقاء اللوم على الآخر. استخدم الرئيس ترامب بشكل مكثف وسائل التواصل الاجتماعي والمؤتمرات الصحفية لانتقاد الديمقراطيين، بينما اتهم الديمقراطيون ترامب باحتجاز الحكومة كرهينة لمشروع شخصي.
نهاية الإغلاق والتداعيات
في 25 يناير 2019، أعلن الرئيس ترامب توقيعه على مشروع قانون إنفاق مؤقت لإعادة فتح الحكومة لمدة ثلاثة أسابيع، دون تضمين أي تمويل جديد للجدار. جاء هذا الاتفاق بعد ضغوط متزايدة من الرأي العام، والموظفين المتضررين، والتأثير الاقتصادي السلبي المتزايد.
وقد سمح الاتفاق باستئناف المفاوضات حول أمن الحدود. على الرغم من أن الإغلاق انتهى دون حصول ترامب على التمويل المطلوب للجدار عبر التشريع، إلا أنه أعلن لاحقاً حالة طوارئ وطنية لتحويل الأموال من ميزانيات أخرى لتمويل بناء أجزاء من الجدار.
أظهر الإغلاق الحكومي، الذي يعد الأطول في تاريخ الولايات المتحدة، عمق الانقسام السياسي في واشنطن، وقدرة الرئاسة على استخدام ميزانية الدولة كوسيلة ضغط، فضلاً عن تسليط الضوء على هشاشة أوضاع الموظفين الفيدراليين. قدر مكتب الميزانية بالكونغرس (CBO) أن الإغلاق كلف الاقتصاد الأميركي حوالي 11 مليار دولار، منها 3 مليارات دولار خسائر دائمة.





