الإغلاق الحكومي الأمريكي يهدد بتعطيل سفر ملايين الركاب
تواجه الولايات المتحدة مرة أخرى شبح الإغلاق الحكومي، وهو وضع ينشأ عن الخلافات السياسية في واشنطن حول الميزانية الفيدرالية، مما يلقي بظلاله على قطاعات حيوية أبرزها قطاع الطيران. يهدد هذا الإغلاق المحتمل بتعطيل حركة السفر لملايين الركاب والتسبب في فوضى واسعة في المطارات، بالإضافة إلى تكبيد شركات الطيران خسائر اقتصادية فادحة.

خلفية الأزمة: توقف التمويل الفيدرالي
يحدث الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة عندما يفشل الكونغرس في إقرار مشاريع قوانين الإنفاق اللازمة لتمويل عمليات الحكومة. ومع بداية السنة المالية الجديدة في الأول من أكتوبر من كل عام، تصبح الوكالات الفيدرالية التي لم تحصل على تمويل مجدد مجبرة على تعليق عملياتها غير الضرورية. ويشمل ذلك إرسال مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين إلى إجازات غير مدفوعة الأجر، بينما يضطر الموظفون الذين تعتبر وظائفهم "أساسية"، مثل العاملين في مجال الأمن القومي والنقل، إلى مواصلة العمل دون الحصول على رواتبهم في الوقت المحدد.
التداعيات الخطيرة على قطاع الطيران
تعتبر إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) من بين الوكالات الحكومية التي تتأثر بشدة بأي إغلاق. ورغم أن العديد من موظفيها، خاصة المراقبين الجويين، يُصنفون على أنهم "أساسيون"، فإن العمل دون أجر يضع ضغوطًا هائلة عليهم ويؤثر سلبًا على معنوياتهم، مما قد يؤدي إلى اضطرابات تشغيلية واسعة النطاق. تتجسد التأثيرات الرئيسية في عدة نقاط:
- نقص المراقبين الجويين: حتى قبل أزمة الإغلاق، كان قطاع الطيران يعاني بالفعل من نقص في عدد المراقبين الجويين. يؤدي الإغلاق إلى تفاقم المشكلة عبر إيقاف برامج تدريب المراقبين الجدد. كما أن الضغط النفسي والمالي على المراقبين الحاليين قد يدفع البعض إلى أخذ إجازات مرضية، مما يؤدي إلى نقص فوري في القوى العاملة وتباطؤ في إدارة الحركة الجوية.
- تأخير وإلغاء الرحلات: النتيجة المباشرة لنقص المراقبين هي انخفاض قدرة المطارات على التعامل مع العدد المعتاد من الرحلات. وللحفاظ على السلامة، تضطر إدارة الطيران الفيدرالية إلى فرض قيود على الحركة الجوية، مما يسبب تأخيرات متتالية وإلغاءات واسعة للرحلات عبر البلاد.
- توقف عمليات السلامة والتطوير: خلال الإغلاق، تتوقف العديد من الأنشطة غير التشغيلية في إدارة الطيران، بما في ذلك عمليات التفتيش على السلامة للطائرات الجديدة، وإصدار الشهادات، وتحديث أنظمة الملاحة الجوية. هذا التوقف لا يؤثر فقط على السلامة على المدى الطويل، بل يؤخر أيضًا دخول طائرات جديدة إلى الخدمة.
- خسائر اقتصادية جسيمة: حذرت اتحادات الطيران، مثل "Airlines for America"، من أن الإغلاق يكلف القطاع خسائر مالية ضخمة. وقدّرت تقارير سابقة، استنادًا إلى تجارب إغلاقات ماضية، أن أكثر من أربعة ملايين راكب قد يتأثرون بشكل مباشر، مما يترجم إلى خسائر لشركات الطيران والمطارات والشركات المرتبطة بقطاع السفر والسياحة.
مواقف الأطراف المعنية وتحذيرات الخبراء
مع اقتراب المواعيد النهائية للتمويل، تتصاعد التحذيرات من مختلف الجهات. فقد أصدر وزير النقل الأمريكي في مناسبات سابقة تحذيرات واضحة من أن الإغلاق سيؤدي إلى "اضطرابات كبيرة" في نظام النقل الوطني. من جانبها، تضغط شركات الطيران الكبرى، بما في ذلك دلتا وأمريكان إيرلاينز ويونايتد إيرلاينز، على المشرعين للتوصل إلى حل لتجنب السيناريو الكارثي الذي يلوح في الأفق.
ويؤكد الخبراء أن التأثير يتجاوز مجرد إزعاج المسافرين، بل يمس جوهر البنية التحتية للنقل في البلاد وقدرتها على العمل بكفاءة وأمان. ويُنظر إلى الأزمة على أنها اختبار لقدرة النظام السياسي الأمريكي على أداء وظائفه الأساسية، حيث يصبح المواطنون والقطاعات الاقتصادية الحيوية رهائن للخلافات الحزبية في واشنطن.





