الاتحاد الأوروبي يغرم عمالقة الموضة الفاخرة لمخالفتها قواعد المنافسة
في خطوة تعكس التزامها الصارم بضمان المنافسة العادلة في السوق الموحدة، أعلنت إحدى سلطات مكافحة الاحتكار ضمن الاتحاد الأوروبي في مايو 2021 عن فرض غرامات مالية كبيرة بلغت إجماليها 157 مليون يورو على ثلاث من أبرز علامات الأزياء والرفاهية العالمية: غوتشي (Gucci)، وكلوي (Chloé)، ولويفي (Loewe). جاءت هذه العقوبات نتيجة تورط هذه الشركات في ممارسات غير قانونية تتعلق بتحديد أسعار إعادة البيع لمنتجاتها، مما يعد انتهاكًا صريحًا لقواعد المنافسة الأوروبية.

خلفية عن الممارسات المناهضة للمنافسة
تُعرف ممارسة تحديد أسعار إعادة البيع (Resale Price Maintenance - RPM) بأنها اتفاق بين المورد والموزع يفرض على الأخير بيع المنتجات بسعر ثابت أو بحد أدنى معين. تُعتبر هذه الممارسة محظورة بشكل عام بموجب قوانين المنافسة في الاتحاد الأوروبي، وتحديداً المادة 101 من معاهدة عمل الاتحاد الأوروبي (TFEU)، التي تحظر الاتفاقيات التي تقيد المنافسة. والسبب في هذا الحظر يعود إلى تأثيرها السلبي على السوق والمستهلكين.
- تقييد المنافسة بين تجار التجزئة: تمنع هذه الممارسة المتاجر من التنافس على السعر، حيث لا يمكنهم تقديم خصومات أو عروض أفضل لجذب العملاء.
- ارتفاع الأسعار للمستهلكين: بدون المنافسة السعرية، غالبًا ما يضطر المستهلكون لدفع أسعار أعلى مما قد يدفعونه في سوق تنافسية.
- الحد من الابتكار: تقلل من حوافز تجار التجزئة للابتكار في خدماتهم أو عروضهم التسويقية إذا كانوا غير قادرين على التنافس بالأسعار.
تفاصيل التحقيق والقرار
كشفت التحقيقات التي أجرتها الجهة المعنية عن أن علامات غوتشي، وكلوي، ولويفي، التي تتبع مجموعتي كيرينغ (Kering) و ريتشمونت (Richemont) العملاقتين في قطاع الرفاهية، كانت تفرض على شركائها التجاريين وتجار التجزئة لديها الالتزام بأسعار محددة عند إعادة بيع منتجاتها. هذا الإجراء كان يطال مجموعة واسعة من السلع الفاخرة، بما في ذلك الحقائب، والأزياء، والإكسسوارات، مما أثر على السوق الإيطالية بشكل خاص، وفي سياق أوسع، على تطبيق مبادئ المنافسة الحرة داخل السوق الأوروبية.
تضمنت الممارسات المكتشفة ترهيب تجار التجزئة أو معاقبتهم في حال عدم التزامهم بالأسعار المحددة، مما أدى إلى خنق أي محاولة للمنافسة السعرية الفعالة. وقد رأت سلطة مكافحة الاحتكار أن هذه السلوكيات تمثل انتهاكًا خطيرًا لمبادئ السوق المفتوحة وتهدف إلى حماية هوامش الربح الخاصة بالعلامات التجارية على حساب مصالح المستهلكين وسلامة السوق.
لماذا تكتسب هذه القضية أهمية؟
تتجاوز أهمية هذا القرار مجرد الغرامات المفروضة على الشركات المعنية لتشمل جوانب أوسع تؤثر على المشهد الاقتصادي والقانوني في الاتحاد الأوروبي:
- حماية المستهلك: تؤكد هذه الغرامات على التزام الاتحاد الأوروبي بحماية المستهلكين من الممارسات الاحتكارية، وضمان حصولهم على أفضل الأسعار والخيارات المتاحة.
- إرساء مبدأ المنافسة العادلة: تعزز الرسالة بأن حتى الشركات العملاقة في قطاعات الرفاهية والماركات العالمية ليست بمنأى عن تطبيق قوانين المنافسة.
- رسالة تحذير للصناعة: تبعث القضية برسالة واضحة لكافة الشركات، بغض النظر عن حجمها أو قطاعها، بأن الاتحاد الأوروبي جاد في فرض قواعد المنافسة، وأن ممارسات تحديد الأسعار غير القانونية ستواجه عقوبات صارمة.
- دعم تجار التجزئة المستقلين: تساعد في تمكين تجار التجزئة الصغار والمستقلين من المنافسة بشكل عادل دون قيود تفرضها العلامات التجارية الكبرى.
التداعيات والآثار المستقبلية
من المتوقع أن تدفع هذه الغرامات الشركات المتورطة، وكذلك غيرها من العلامات التجارية الفاخرة، إلى مراجعة دقيقة لسياسات توزيعها وأسعارها لضمان الامتثال التام لقوانين المنافسة الأوروبية. كما يشدد القرار على أهمية اليقظة المستمرة من جانب الهيئات التنظيمية لمواجهة أي محاولات لتقييد المنافسة في قطاعات السوق المختلفة.
تستمر سلطات المنافسة في الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في رصد الأسواق المختلفة لمكافحة أي ممارسات قد تؤدي إلى تشويه المنافسة، مؤكدة بذلك دورها الحيوي في الحفاظ على سوق موحدة ديناميكية وعادلة للجميع.





