البيت الأبيض يلمح إلى تمرد داخل حماس مسؤول عن تصعيد رفح
في تطور لافت، صدر عن الإدارة الأميركية، في وقت متأخر من يوم أمس، تصريحات تشير إلى أن الهجمات الأخيرة التي شهدتها مدينة رفح جنوب قطاع غزة لم تكن بقرار من القيادة المركزية لحركة حماس، بل نفذتها عناصر وصفتها بـ "المتمردة" داخل الحركة. وقد أثارت هذه التصريحات جدلاً واسعاً حول مدى تماسك الحركة وقدرتها على ضبط كافة عناصرها العسكرية في ظل استمرار الحرب والضغوط الشديدة التي تتعرض لها.

خلفية الأحداث الأخيرة
تأتي هذه التصريحات في أعقاب موجة من التصعيد الميداني في محيط مدينة رفح، التي تُعد الملاذ الأخير لمئات آلاف النازحين الفلسطينيين. خلال الأيام القليلة الماضية، تم تسجيل إطلاق عدة قذائف صاروخية من مناطق متفرقة في رفح، وهو ما اعتبره مراقبون خرقاً لتفاهمات التهدئة غير الرسمية التي كانت تسعى الأطراف الإقليمية لتثبيتها تمهيداً لمفاوضات أكثر جدية. هذه الهجمات أدت إلى تعقيد الوضع الإنساني الهش وأعطت ذريعة للجانب الإسرائيلي للتلويح بتوسيع عملياته العسكرية في المنطقة التي حذرت منظمات دولية من كارثية اقتحامها.
تفاصيل الموقف الأميركي
بحسب مسؤول رفيع في البيت الأبيض، فإن تقييمات استخباراتية حديثة تدعم فرضية وجود انقسام في هيكل القيادة والسيطرة لدى حماس. وأوضح المصدر أن القيادة السياسية للحركة، التي تتفاوض عبر الوسطاء في الدوحة والقاهرة، قد تكون معزولة نسبياً عن بعض الألوية المقاتلة على الأرض، وتحديداً تلك التي تعمل في ظروف ميدانية قاسية. الهدف من هذه التصريحات الأميركية، كما يرى محللون، قد يكون محاولة لدفع القيادة السياسية لحماس إلى تقديم تنازلات أكبر في المفاوضات، من خلال الإشارة إلى أنها قد لا تملك السيطرة الكاملة على الوضع العسكري. كما أنها قد تمثل تمهيداً لتغيير في الاستراتيجية الدبلوماسية، عبر محاولة التفريق بين أجنحة الحركة المختلفة.
رد حماس وتحليلات الوضع الداخلي
من جانبها، سارعت حركة حماس إلى نفي الادعاءات الأميركية بشكل قاطع. وفي بيان صدر عن جناحها العسكري، كتائب عز الدين القسام، أكدت الحركة على "وحدة صفها وتكامل قراراتها بين المستويين السياسي والعسكري". واعتبر البيان أن هذه التصريحات هي جزء من "حرب نفسية" تهدف إلى شق الصف الداخلي وإظهار الحركة بمظهر الضعف والتفكك بعد أشهر من الحرب. ورغم النفي الرسمي، يرى بعض الخبراء أن طول أمد الصراع والدمار الهائل قد يخلق بالفعل تحديات غير مسبوقة في التواصل والتنسيق بين قيادة حماس في الخارج وقادتها الميدانيين في غزة، مما قد يفتح الباب أمام قرارات ميدانية مستقلة في بعض الأحيان، وإن لم تصل إلى حد التمرد المنظم.
التداعيات المحتملة على مسار الصراع
إن صحت هذه الفرضية أو كانت مجرد تكتيك سياسي، فإن لها تداعيات كبيرة على مستقبل الصراع وجهود الوساطة. ويمكن تلخيص أبرز هذه التداعيات في النقاط التالية:
- تعقيد مفاوضات الهدنة: تضع هذه الادعاءات شكوكاً حول قدرة أي اتفاق يتم التوصل إليه على الصمود، إذا كانت هناك جهات على الأرض قادرة على خرقه.
 - توفير مبررات للتصعيد: قد تستغل إسرائيل هذه الرواية لتبرير عملياتها العسكرية، بحجة أن القيادة التي تتفاوض معها لا تسيطر على جميع المقاتلين.
 - إضعاف موقف الوسطاء: يجد الوسطاء، مثل مصر وقطر، أنفسهم في موقف صعب، حيث تصبح مهمة الحصول على ضمانات من جميع الأطراف أكثر تعقيداً.
 - التأثير على مستقبل غزة: تثير مسألة تماسك حماس تساؤلات جدية حول الجهة التي يمكن أن تدير قطاع غزة وتحافظ على الأمن في مرحلة ما بعد الحرب.
 
يبقى الوضع مفتوحاً على كافة الاحتمالات، حيث يترقب الجميع ما إذا كانت هذه التصريحات مجرد مناورة دبلوماسية أم أنها تعكس بالفعل شرخاً حقيقياً بدأ يظهر في بنية واحدة من أبرز الحركات الفاعلة في المنطقة.




