الجمعية الأردنية للبحث العلمي والريادة تناقش آفاق تكنولوجيا النانو بين البحث والتطبيق
عقدت الجمعية الأردنية للبحث العلمي والريادة، يوم الأربعاء الموافق الثامن والعشرين من مايو 2024، محاضرة متخصصة ركزت على أحدث التطورات في مجال تكنولوجيا النانو، مستكشفةً العلاقة المعقدة بين البحث الأكاديمي والتطبيقات الصناعية المحتملة. أقيمت المحاضرة في مقر الجمعية، وشهدت حضوراً واسعاً من الباحثين والأكاديميين وطلاب الدراسات العليا، بالإضافة إلى ممثلين عن القطاع الصناعي والمهتمين بالابتكار التكنولوجي.

أهمية المحاضرة وموضوعها
جاءت هذه الفعالية ضمن جهود الجمعية المستمرة لتعزيز الحوار العلمي ونقل المعرفة في المجالات الحيوية التي تخدم التنمية المستدامة في الأردن. هدفت المحاضرة بشكل أساسي إلى تسليط الضوء على الإمكانات الهائلة لتكنولوجيا النانو كقوة دافعة للابتكار الاقتصادي والتقدم العلمي. وقد ركز المتحدث الرئيسي، الدكتور أحمد العبادي، الأستاذ في الهندسة النانوية من الجامعة الأردنية، على ضرورة بناء جسور قوية بين مخرجات البحث العلمي في الجامعات والمراكز البحثية وبين احتياجات السوق والصناعة الفعلية لضمان تحويل الأفكار الواعدة إلى منتجات وخدمات ملموسة.
تُعد تكنولوجيا النانو مجالاً متعدد التخصصات يتعامل مع المواد والهياكل على مقياس النانومتر (جزء من مليار جزء من المتر)، حيث تكتسب المواد خصائص فريدة ومختلفة جذرياً عن خصائصها على المقاييس الأكبر. هذه الخصائص الجديدة تفتح آفاقاً غير مسبوقة لتطوير تقنيات ومنتجات في قطاعات متنوعة، مما يجعل فهمها وتطويرها أمراً حيوياً للدول التي تسعى لتحقيق الريادة التكنولوجية.
تكنولوجيا النانو: من البحث إلى التطبيق
تناولت المحاضرة بعمق التحديات والفرص المرتبطة بتحويل النتائج البحثية المخبرية إلى تطبيقات عملية ومجدية اقتصادياً. فمن جانب البحث، يتم التركيز على اكتشاف مواد نانوية جديدة ذات خصائص محسنة، وتطوير طرق تصنيع مبتكرة، وفهم السلوك الفيزيائي والكيميائي لهذه المواد على المستوى النانوي. أما على صعيد التطبيق، فإن التركيز ينصب على كيفية دمج هذه المواد في منتجات واقعية، مثل الأجهزة الطبية الدقيقة، أو مواد البناء خفيفة الوزن والقوية، أو أنظمة تنقية المياه والهواء الفعالة، أو حلول تخزين الطاقة المتقدمة. وقدم الدكتور العبادي أمثلة عالمية ومحلية لمشاريع بحثية واعدة نجحت في تجاوز مرحلة البحث الأولي وبدأت في طريق التطبيق أو التسويق.
أكدت المحاضرة على أن التحديات لا تقتصر على الجانب التقني وحده، بل تمتد لتشمل قضايا التمويل، وحماية الملكية الفكرية، وتطوير البنية التحتية اللازمة للإنتاج على نطاق واسع، بالإضافة إلى ضرورة التعامل مع الجوانب الأخلاقية والبيئية والصحية المرتبطة باستخدام المواد النانوية. وقد تم التأكيد على أن التعاون بين القطاع العام والخاص، إلى جانب الدعم الحكومي للبحث والتطوير، هو مفتاح تسريع وتيرة الابتكار في هذا المجال.
دور الجمعية الأردنية للبحث العلمي والريادة
تضطلع الجمعية الأردنية للبحث العلمي والريادة بدور محوري في المشهد العلمي الأردني، حيث تسعى جاهدة لخلق بيئة محفزة للبحث العلمي والابتكار. من خلال تنظيم مثل هذه الفعاليات، تهدف الجمعية إلى:
- تعزيز تبادل المعرفة والخبرات بين الباحثين والخبراء.
- تشجيع طلاب الجامعات والباحثين الشباب على الانخراط في مجالات البحث العلمي المتقدمة.
- تسهيل التواصل بين الأوساط الأكاديمية والقطاع الصناعي لتعزيز فرص تحويل الأبحاث إلى منتجات.
- المساهمة في صياغة السياسات التي تدعم البحث العلمي والابتكار وريادة الأعمال.
تؤمن الجمعية بأن الاستثمار في تكنولوجيا النانو، وغيرها من التقنيات الناشئة، سيساهم بشكل مباشر في تحقيق رؤية الأردن الاقتصادية الهادفة إلى تنويع مصادر الدخل وخلق فرص عمل جديدة قائمة على المعرفة والابتكار.
التطلعات المستقبلية
في ختام المحاضرة، تم التأكيد على أن المستقبل يحمل إمكانات غير محدودة لتكنولوجيا النانو، وأن الأردن يمتلك الكفاءات البشرية اللازمة للاستفادة من هذه الإمكانات. ودعا المنظمون إلى المزيد من المبادرات التي تجمع بين الباحثين والمبتكرين والمستثمرين لضمان أن تكون المملكة جزءاً فاعلاً في الثورة النانو تكنولوجية العالمية. كما تم التنويه إلى أهمية دعم ورعاية المشاريع الريادية الناشئة في هذا المجال، والتي قد تمثل اللبنات الأولى لصناعات أردنية مستقبلية ذات قيمة مضافة عالية.





