الجيش السوداني يفرض حصاراً على بارا وقوات الدعم السريع متهمة باستخدام المدنيين دروعاً بشرية
تفيد التقارير الميدانية الواردة من السودان بأن القوات المسلحة السودانية قد أحكمت حصارها على مدينة بارا الاستراتيجية في ولاية شمال كردفان، في خطوة تهدف إلى قطع خطوط الإمداد عن قوات الدعم السريع التي تسيطر على المدينة. وتتفاقم الأوضاع الإنسانية داخل المدينة المحاصرة مع ورود أنباء عن قيام قوات الدعم السريع بمنع المدنيين من المغادرة، واستخدامهم كدروع بشرية لعرقلة تقدم الجيش، مما يضع السكان في خطر محدق وينذر بكارثة إنسانية.

التطورات الميدانية الأخيرة
في إطار عملياته العسكرية المستمرة منذ أسابيع، نجح الجيش السوداني في تحقيق تقدم في عدة محاور بولاية شمال كردفان، وصولاً إلى فرض طوق عسكري شبه كامل حول مدينة بارا. وتعد هذه العملية جزءاً من استراتيجية أوسع تهدف إلى استعادة السيطرة على المناطق الحيوية في الولاية وتأمين الطريق الرابط بين العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور. وتشير المصادر إلى أن قوات الدعم السريع، التي تواجه ضغطاً عسكرياً متزايداً، لجأت إلى التمترس داخل الأحياء السكنية ونشر قناصتها فوق المباني، مما يجعل أي محاولة لاقتحام المدينة محفوفة بمخاطر وقوع خسائر كبيرة في صفوف المدنيين.
خلفية الصراع وأهمية شمال كردفان
اندلع النزاع الحالي في السودان في أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو. ومنذ ذلك الحين، اكتسبت ولاية شمال كردفان أهمية استراتيجية بالغة لكل من الطرفين. فالولاية تمثل جسراً حيوياً يربط مناطق نفوذ الدعم السريع في دارفور غرباً بالعاصمة ومناطق أخرى في وسط وشرق البلاد. السيطرة على مدنها الرئيسية، مثل الأبيض وبارا، تعني التحكم في شبكة طرق لوجستية هامة لنقل القوات والعتاد، وهو ما يفسر شراسة المعارك الدائرة فيها منذ أشهر.
الأزمة الإنسانية المتفاقمة
يعيش السكان العالقون داخل مدينة بارا ظروفاً مأساوية، حيث أدى الحصار إلى انقطاع شبه تام للإمدادات الأساسية. وتواجه الأسر المحاصرة تحديات جمة في الحصول على الغذاء ومياه الشرب النظيفة والأدوية، في ظل انهيار كامل للمنظومة الصحية. وقد حذرت منظمات إغاثية دولية من خطورة الوضع، مؤكدة صعوبة الوصول إلى المتضررين لتقديم المساعدات العاجلة. وتتلخص المخاطر التي يواجهها المدنيون في النقاط التالية:
- الوقوع ضحية للقصف المتبادل والاشتباكات المباشرة.
- النقص الحاد في المواد الغذائية والطبية الذي يهدد بانتشار الأمراض والمجاعة.
- منعهم من النزوح إلى مناطق أكثر أمناً من قبل قوات الدعم السريع.
- الاستخدام المتعمد للمناطق السكنية كغطاء للعمليات العسكرية.
التداعيات المحتملة للعملية
يمثل حسم المعركة في بارا نقطة تحول محتملة في مسار الحرب بولاية شمال كردفان. فإذا نجح الجيش في استعادة المدينة، فإنه سيعزز سيطرته على الولاية بشكل كبير وسيقطع شرياناً حيوياً لقوات الدعم السريع، مما قد يضعف قدرتها على مواصلة القتال في جبهات أخرى. من ناحية أخرى، فإن أسلوب القتال المتبع، خاصة مع وجود آلاف المدنيين العالقين، يثير مخاوف جدية بشأن وقوع مذبحة، ويزيد من تعقيد المشهد الإنساني المتردي أصلاً في السودان. وتظل الأحداث في بارا شاهداً آخر على الثمن الباهظ الذي يدفعه المدنيون في هذا الصراع المدمر.





