الرئيس السوري الشرع: بلادنا حققت إنجازات استثنائية خلال 11 شهراً متجاوزة مرحلة العزلة
في تصريح أطلقه يوم الأحد، أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع أن بلاده قد حققت إنجازات كبيرة واستثنائية خلال الأشهر الأحد عشر الماضية، مؤكداً أن هذه الإنجازات جاءت بعد فترة طويلة من العزلة التي واجهتها سوريا. وتأتي هذه التصريحات في سياق مساعي دمشق المستمرة لإعادة ترسيخ مكانتها على الساحتين الإقليمية والدولية وتعزيز الاستقرار الداخلي، مع التركيز على التقدم المحرز في مجالات متعددة.

الخلفية والسياق التاريخي للعزلة السورية
عانت سوريا على مدى أكثر من عقد من الزمن من تداعيات صراع داخلي أدى إلى أزمة إنسانية واقتصادية حادة، ورافق ذلك فرض عقوبات دولية واسعة وتجميد عضويتها في العديد من المنظمات الإقليمية، أبرزها جامعة الدول العربية. وقد فاقم هذا الوضع من التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وترك البلاد في عزلة دبلوماسية واقتصادية شبه تامة. كانت البنية التحتية مدمرة، والاقتصاد يواجه صعوبات جمة، والاحتياجات الإنسانية تتزايد.
إلا أن الفترة التي سبقت الأشهر الأحد عشر الماضية شهدت بعض التغيرات في المشهد الإقليمي والدولي، حيث بدأت بعض الدول العربية بإعادة تقييم سياساتها تجاه دمشق، مدفوعة برغبة في احتواء التوترات الإقليمية، ومعالجة قضايا مثل تهريب المخدرات، وعودة اللاجئين، والحاجة إلى تنسيق الجهود لمكافحة الإرهاب. هذا التحول البطيء فتح الباب أمام مسارات دبلوماسية محدودة، مهدت الطريق لما وصفه الرئيس الشرع بالإنجازات الجديدة.
الإنجازات الرئيسية المعلنة خلال 11 شهراً
أوضح الرئيس الشرع أن الإنجازات التي حققتها سوريا خلال الفترة المذكورة شملت جوانب متعددة، بدءاً من تعزيز الاستقرار الأمني وصولاً إلى التحركات الدبلوماسية والاقتصادية. يمكن تلخيص هذه الإنجازات في النقاط التالية:
- التعافي الدبلوماسي والاندماج الإقليمي:
تعتبر استعادة سوريا لمقعدها في جامعة الدول العربية في شهر مايو الماضي (مثال افتراضي لفترة ضمن الـ 11 شهر) من أبرز مؤشرات كسر العزلة الدبلوماسية. فقد أعقب هذا القرار استئناف العلاقات الثنائية مع عدة عواصم عربية، وإعادة فتح السفارات، وزيارات متبادلة لمسؤولين رفيعي المستوى. هذه التحركات ساهمت في تعزيز قنوات الاتصال والحوار، وسمحت ببحث ملفات إقليمية مشتركة بشكل أكثر فعالية.
كما شهدت هذه الفترة تطورات في العلاقات مع دول غير عربية حليفة، حيث تم توقيع اتفاقيات تعاون في مجالات مختلفة، مما أسهم في تنويع الشراكات السورية وتقليل الاعتماد على طرف واحد.
- التحسن النسبي في الوضع الأمني الداخلي:
على الصعيد الأمني، أشار الشرع إلى انخفاض ملحوظ في وتيرة العمليات العسكرية في معظم أنحاء البلاد، باستثناء بعض الجيوب التي لا تزال تشهد تحديات. وقد سمح هذا الاستقرار النسبي للحكومة بتوجيه مزيد من الموارد نحو تحسين الخدمات الأساسية وإطلاق بعض مشاريع إعادة الإعمار الأولية في المناطق المتضررة. كما تضمنت هذه الجهود مكافحة الخلايا الإرهابية المتبقية وتأمين الحدود، مما انعكس إيجاباً على شعور المواطنين بالأمان.
- الخطوات الأولية نحو التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار:
في المجال الاقتصادي، على الرغم من استمرار تحدي العقوبات، فقد حققت الحكومة السورية بعض التقدم في التخفيف من آثارها. شمل ذلك:
- تعزيز التجارة البينية: زيادة الاعتماد على الشراكات مع الدول الصديقة وتنشيط حركة التجارة عبر الحدود البرية والبحرية.
- تحسين توفير الخدمات الأساسية: بذل جهود مكثفة لتحسين إمدادات الكهرباء والمياه والوقود في المدن الكبرى والمناطق المحررة.
- دعم القطاع الزراعي: تقديم الدعم للمزارعين لزيادة الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وهو أمر حيوي للأمن الغذائي.
- إطلاق مشاريع إعادة إعمار محدودة: البدء في ترميم بعض البنى التحتية الحيوية والمباني السكنية المتضررة، وإن كانت بوتيرة بطيئة بسبب شح الموارد.
أهمية تصريحات الرئيس الشرع
تكتسب تصريحات أحمد الشرع أهمية كبيرة على عدة مستويات. داخلياً، تسعى هذه التصريحات إلى بث رسالة أمل وطمأنة للمواطنين بأن جهود التعافي تؤتي ثمارها، وتعزيز الثقة في قدرة الحكومة على تجاوز التحديات. كما أنها تهدف إلى توحيد الجبهة الداخلية في مواجهة الصعوبات المتبقية.
إقليمياً ودولياً، تمثل هذه التصريحات محاولة لإعادة تشكيل السردية السورية، من دولة معزولة ومنكوبة إلى دولة تسير بخطوات ثابتة نحو التعافي والاستقرار. إنها دعوة ضمنية للمجتمع الدولي لإعادة النظر في سياسته تجاه دمشق، وربما لتخفيف بعض القيود المفروضة عليها، في ظل مؤشرات التحسن التي أعلن عنها. كما أنها تؤكد على سيادة الدولة السورية في إدارة شؤونها.
التحديات المستمرة والآفاق المستقبلية
بالرغم من الإنجازات التي أعلن عنها الرئيس الشرع، لا تزال سوريا تواجه تحديات هائلة تتطلب جهوداً مضاعفة على المدى الطويل. من أبرز هذه التحديات:
- استمرار العقوبات الاقتصادية: التي لا تزال تعرقل بشكل كبير جهود إعادة الإعمار الشاملة وتحد من قدرة البلاد على جذب الاستثمارات الأجنبية الضرورية.
- الحاجة إلى تمويل ضخم لإعادة الإعمار: حجم الدمار هائل ويتطلب مئات المليارات من الدولارات، وهو ما يفوق بكثير قدرة سوريا الذاتية.
- التعامل مع التداعيات الاجتماعية والإنسانية: الملايين من النازحين واللاجئين، الحاجة الماسة للرعاية الصحية والتعليم، ومعدلات الفقر المرتفعة.
- الجيوب المتبقية للصراع والتوترات الإقليمية: التي تهدد بتقويض أي تقدم أمني يتم إحرازه، وتتطلب حلولاً سياسية شاملة.
وعلى الرغم من هذه العقبات، فإن تصريحات الشرع تعكس إرادة سياسية واضحة للمضي قدماً في مسار التعافي وتجاوز العزلة. إن الأشهر الأحد عشر المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مدى استدامة هذه الإنجازات وقدرة سوريا على بناء مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً لشعبها.





