في ظل تحولات إقليمية: نظرة على التحالف الدولي ضد داعش وآفاق انضمام سوريا
مع ورود أنباء عن زيارة مرتقبة للرئيس السوري أحمد الشرع إلى واشنطن، تتجه الأنظار مجدداً نحو علاقة سوريا المستقبلية بالتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وتطرح تساؤلات حول إمكانية انضمامها الرسمي لهذا الحلف الذي تأسس قبل أكثر من عقد. يمثل هذا التطور المحتمل، إن تحقق، تحولاً استراتيجياً كبيراً في سياسة دمشق الخارجية وفي ديناميكيات الحرب على الإرهاب في المنطقة.
خلفية تأسيس التحالف وأهدافه
تأسس التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سبتمبر 2014 بمبادرة من الولايات المتحدة، وجاء كاستجابة مباشرة للتوسع السريع الذي حققه التنظيم في كل من العراق وسوريا وسيطرته على مساحات واسعة ومدن رئيسية مثل الموصل والرقة. لم يقتصر هدف التحالف على العمل العسكري فقط، بل بُني على استراتيجية متعددة الأوجه تشمل خمسة محاور رئيسية:
- توفير الدعم العسكري واللوجستي للشركاء على الأرض.
- منع تدفق المقاتلين الأجانب عبر الحدود.
- تجفيف مصادر تمويل التنظيم.
- مواجهة الدعاية الإعلامية والأيديولوجية للتنظيم.
- دعم جهود تحقيق الاستقرار في المناطق المحررة.
يضم التحالف اليوم أكثر من 80 دولة ومنظمة دولية، بما في ذلك حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، مما يجعله أحد أكبر التحالفات العسكرية والسياسية في التاريخ الحديث.
دور التحالف في سوريا والعراق
لعب التحالف الدولي دوراً محورياً في إضعاف تنظيم "داعش" وهزيمته إقليمياً. ففي العراق، قدم الدعم الجوي والاستشاري والتدريبي للقوات المسلحة العراقية وقوات البيشمركة الكردية، وهو ما كان حاسماً في معارك استعادة مدن رئيسية مثل تكريت والرمادي والموصل. أما في سوريا، فقد اتبع التحالف استراتيجية مختلفة، حيث اعتمد بشكل أساسي على دعم وتجهيز شركاء محليين على الأرض، أبرزهم قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي شكلت القوة البرية الرئيسية في الحملة ضد التنظيم، ونجحت في طرده من معاقله الرئيسية مثل الرقة ودير الزور.
على الرغم من إعلان هزيمة "الخلافة" المكانية للتنظيم في مارس 2019، لا تزال عمليات التحالف مستمرة لمواجهة خلاياه النائمة ومنع عودته للظهور، حيث يواصل التنظيم تنفيذ هجمات متفرقة في المناطق الصحراوية والنائية في كلا البلدين.
الانضمام المحتمل لسوريا: الدوافع والتحديات
تأتي المباحثات حول انضمام سوريا للتحالف في سياق متغيرات سياسية جذرية تشهدها البلاد. تاريخياً، كانت الحكومة السورية السابقة تعتبر وجود قوات التحالف على أراضيها انتهاكاً للسيادة، خاصة وأن العمليات كانت تتم دون تنسيق معها. لكن القيادة الجديدة قد ترى في الانضمام فرصة لتحقيق عدة أهداف استراتيجية، منها اكتساب الشرعية الدولية، وتأمين الدعم اللازم لإعادة الإعمار، وتنسيق الجهود بشكل فعال للقضاء على بقايا التنظيم التي ما زالت تشكل تهديداً أمنياً.
من شأن انضمام سوريا أن يوحد الجهود العسكرية ضد فلول "داعش" تحت مظلة واحدة، مما يسهل تبادل المعلومات الاستخباراتية وتنسيق العمليات البرية والجوية على كامل الأراضي السورية. إلا أن هذه الخطوة تواجه تحديات كبيرة، أبرزها تحديد مصير العلاقة مع الشركاء المحليين السابقين للتحالف، مثل قوات سوريا الديمقراطية، بالإضافة إلى الموقف الذي ستتخذه الدول الحليفة تقليدياً لدمشق، مثل روسيا وإيران. ورغم هذه التعقيدات، فإن مجرد طرح هذه الفكرة يعكس مرحلة جديدة محتملة في تاريخ سوريا الحديث ومستقبل الحرب على الإرهاب في الشرق الأوسط.




