السيسي يؤكد على دور مصر المحوري في تحقيق الاستقرار الإقليمي
جدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في تصريحات حديثة التأكيد على أن الدور الذي تلعبه مصر في سبيل إعادة الاستقرار إلى المنطقة هو دور جوهري ومعلوم للمجتمع الدولي. تعكس هذه التصريحات استمرارية السياسة الخارجية المصرية التي ترتكز على التدخل الدبلوماسي والوساطة لحل النزاعات المعقدة في دول الجوار، وذلك انطلاقًا من رؤية تعتبر أن أمن المنطقة جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري.

خلفية الدور المصري التاريخي
تاريخيًا، لعبت مصر دورًا قياديًا في الشرق الأوسط وأفريقيا، مستفيدة من ثقلها الديموغرافي والسياسي وموقعها الجغرافي الاستراتيجي. وقد استمر هذا الدور في العقود الأخيرة، حيث وضعت القاهرة نفسها كوسيط رئيسي في العديد من الأزمات الإقليمية، ساعية إلى تحقيق توازنات تخدم مصالحها ومصالح دول المنطقة على حد سواء. وتعتمد الدبلوماسية المصرية على شبكة واسعة من العلاقات مع الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة، بالإضافة إلى فهم عميق لتعقيدات الصراعات المحلية.
أبعاد الدور المصري في الأزمات الراهنة
تتعدد الساحات التي تنشط فيها مصر دبلوماسيًا، حيث تبرز جهودها بشكل خاص في ثلاثة ملفات رئيسية تشهد توترات كبيرة:
- الأزمة السودانية: منذ اندلاع الصراع في السودان في أبريل 2023، تحركت مصر بسرعة على عدة مستويات. فعلى الصعيد الدبلوماسي، استضافت القاهرة قمة دول جوار السودان في يوليو 2023، والتي هدفت إلى توحيد الرؤى الإقليمية والدفع نحو وقف إطلاق نار شامل وحماية مؤسسات الدولة السودانية. كما تواصل مصر تقديم الدعم الإنساني واستقبال أعداد كبيرة من السودانيين الفارين من الحرب، مؤكدة على ضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة أراضي السودان.
- الملف الليبي: تعتبر مصر الاستقرار في ليبيا أولوية قصوى لأمنها القومي، خاصة فيما يتعلق بأمن حدودها الغربية. وتركزت الجهود المصرية على دعم مسار الحل السياسي الليبي-الليبي، وتشجيع توحيد المؤسسة العسكرية، ومواجهة خطر الميليشيات المسلحة والتدخلات الأجنبية. وقد استضافت القاهرة العديد من جولات الحوار بين الأطراف الليبية المتنافسة، ولعبت دورًا مهمًا في دعم أعمال اللجنة العسكرية المشتركة (5+5).
- القضية الفلسطينية: يظل دور مصر كوسيط أساسي في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ثابتًا ومحوريًا. وتبرز أهمية هذا الدور بشكل خاص خلال جولات التصعيد في قطاع غزة، حيث نجحت مصر مرارًا في التوصل إلى اتفاقيات لوقف إطلاق النار، كما حدث في مايو 2021. بالإضافة إلى ذلك، تدير مصر معبر رفح البري الذي يعد شريان الحياة الرئيسي لإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وتواصل التأكيد في كافة المحافل الدولية على موقفها الثابت الداعم لحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
الأهمية والتحديات الاستراتيجية
تكمن أهمية هذا الدور النشط في كونه يهدف إلى حماية المصالح الاستراتيجية لمصر، والتي تتأثر بشكل مباشر بالاضطرابات في محيطها الإقليمي. فالاستقرار في ليبيا والسودان وغزة يساهم في تأمين الحدود المصرية، ويمنع تدفق الجماعات المتطرفة، ويخفف من ضغوط الهجرة غير الشرعية. ومع ذلك، تواجه السياسة المصرية تحديات كبيرة، أبرزها تعدد الأطراف المتدخلة في هذه الأزمات بأجندات متضاربة، وصعوبة التوصل إلى حلول مستدامة في ظل الانقسامات الداخلية العميقة في تلك البلدان.
وفي ظل هذه المعطيات، تأتي تصريحات الرئيس السيسي لتؤكد من جديد على أن مصر ماضية في سياستها القائمة على التهدئة والوساطة، وتقدم نفسها كقوة استقرار إقليمية لا غنى عنها، وهو ما تعترف به القوى العالمية التي غالبًا ما تنسق مع القاهرة بشأن أزمات المنطقة.





