القمة العالمية للتعهيد في مصر: دعامة لمرونة الاقتصاد وتقدم قطاع التكنولوجيا
أكدت تصريحات رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، في الآونة الأخيرة، على الأهمية الاستراتيجية لقمة التعهيد العالمية التي استضافتها مصر، مشيرًا إلى أنها لا تمثل مجرد تجمع لخبراء الصناعة، بل تعكس بوضوح قدرة الاقتصاد المصري على الصمود والتكيف في وجه التحديات العالمية المتزايدة، فضلًا عن إظهارها للتقدم الملموس الذي يحرزه قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في البلاد.

خلفية وأهمية قطاع التعهيد
يُعد قطاع التعهيد (Outsourcing) والخدمات المهنية المشتركة (Global Business Services - GBS) من القطاعات الحيوية المتنامية عالميًا، حيث تسعى الشركات الكبرى إلى نقل عملياتها غير الأساسية إلى مواقع توفر كفاءة تشغيلية وتكلفة أقل. تتميز مصر بموقعها الجغرافي الاستراتيجي، وبيئتها الداعمة للأعمال، وامتلاكها لقاعدة كبيرة من الشباب المتعلم والمتقن للغات المتعددة، مما يجعلها وجهة جاذبة للاستثمارات في هذا المجال.
لقد دأبت الحكومة المصرية، ممثلة في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (ITIDA)، على تطوير استراتيجية طموحة تهدف إلى ترسيخ مكانة مصر كمركز إقليمي وعالمي للخدمات الرقمية وخدمات التعهيد. وتشمل هذه الاستراتيجية توفير حوافز استثمارية، وبرامج تدريب متخصصة لتأهيل الكوادر البشرية، وتطوير البنية التحتية الرقمية، مما أسهم في جذب العديد من الشركات العالمية الكبرى لإنشاء مراكز لها في مصر.
تصريحات رئيس الوزراء ودلالاتها
شدد الدكتور مصطفى مدبولي على أن تنظيم مصر لقمة التعهيد العالمية يأتي في سياق يبرهن على الثقة الدولية المتزايدة في الاقتصاد المصري وقدرته على تجاوز العقبات. ففي ظل التقلبات الاقتصادية العالمية والضغوط التضخمية، يُظهر الأداء الاقتصادي المصري مرونة لافتة، ويعتبر قطاع التعهيد أحد الركائز التي تدعم هذه المرونة عبر جلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتوفير مصادر جديدة للعملات الأجنبية.
- صمود الاقتصاد: أكد رئيس الوزراء أن استضافة هذا الحدث يؤكد قدرة الاقتصاد المصري على جذب الاستثمارات والحفاظ على استقراره رغم التحديات الاقتصادية العالمية، ويعكس رؤية إيجابية للمستقبل الاقتصادي للبلاد.
- نمو قطاع التكنولوجيا: أشار مدبولي إلى أن القمة تسلط الضوء على التطور الكبير في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المصري، والذي يشهد نموًا مطردًا في مجالات مثل تطوير البرمجيات، وخدمات الدعم الفني، وخدمات مراكز الاتصال، والخدمات المهنية المشتركة. هذا النمو مدفوع بالاستثمار في البنية التحتية الرقمية، وتأهيل الشباب المصري بالمهارات الرقمية المطلوبة عالميًا.
- جذب الاستثمارات: تُعد هذه القمة منصة حيوية لعرض المزايا التنافسية لمصر أمام المستثمرين والشركات العالمية، مما يُسهم في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى قطاع التعهيد، وبالتالي خلق فرص عمل جديدة وزيادة الصادرات الرقمية.
الأثر والتطلعات المستقبلية
تتجاوز أهمية قمة التعهيد مجرد الترويج السياحي أو الإعلامي؛ فهي تحمل أبعادًا اقتصادية واجتماعية عميقة. فمن الناحية الاقتصادية، يُسهم توسع قطاع التعهيد في زيادة الناتج المحلي الإجمالي، وتنويع مصادر الدخل القومي بعيدًا عن القطاعات التقليدية، وتعزيز مكانة مصر كمركز للخدمات ذات القيمة المضافة. كما أنه يقلل من البطالة بين الشباب المتعلم من خلال توفير وظائف تتطلب مهارات عالية في بيئة عمل عالمية.
تطمح مصر إلى مضاعفة حجم صادراتها من خدمات التعهيد والخدمات الرقمية خلال السنوات القادمة، مع التركيز على استقطاب استثمارات في مجالات أكثر تخصصًا مثل الذكاء الاصطناعي، وتحليلات البيانات الضخمة، والأمن السيبراني. ويُنتظر أن تلعب الشراكات بين القطاعين العام والخاص دورًا محوريًا في تحقيق هذه الأهداف الطموحة، جنبًا إلى جنب مع برامج بناء القدرات والتدريب المستمر للعمالة المصرية.
ختامًا، تؤكد استضافة مصر لمثل هذه القمم العالمية على التزامها بالتحول الرقمي وتنمية اقتصادها المعرفي، وتعزز من صورتها كوجهة موثوقة ومنافسة في سوق التعهيد والخدمات الرقمية العالمية.




