المحكمة الاقتصادية تؤيد حكم حبس البلوجر هدير عبد الرازق لمدة عام
في تطور قضائي بارز، قضت المحكمة الاقتصادية في القاهرة، خلال الأسبوع الأول من يونيو 2024، برفض المعارضة الاستئنافية التي تقدمت بها البلوجر المصرية هدير عبد الرازق، وأيدت بذلك الحكم الصادر مسبقًا بحقها. ويقضي الحكم النهائي بحبسها لمدة سنة واحدة وتغريمها مبلغ 100 ألف جنيه مصري، وذلك في القضية التي واجهت فيها اتهامات بنشر محتوى يُعتبر خادشًا للحياء العام ومخالفًا لقيم المجتمع المصري.

خلفية القضية وسياقها
بدأت فصول القضية عندما قامت الإدارة العامة لمباحث الآداب برصد نشاط هدير عبد الرازق على منصات التواصل الاجتماعي، مثل "تيك توك" و"فيسبوك". وقد وجهت لها اتهامات بنشر مقاطع فيديو وصور تتضمن إيحاءات وتصرفات اعتُبرت مسيئة للآداب العامة وتحرض على الفسق والفجور، بهدف تحقيق مشاهدات وأرباح مادية. تأتي هذه القضية ضمن سلسلة من الإجراءات القانونية التي اتخذتها السلطات المصرية في السنوات الأخيرة ضد عدد من صناع المحتوى والمؤثرين على شبكات التواصل الاجتماعي، في إطار ما تصفه الدولة بحماية "القيم الأسرية والمجتمعية" من المحتوى الرقمي الذي تراه غير لائق.
تفاصيل الحكم القضائي ومساره
بعد إلقاء القبض عليها والتحقيق معها، أُحيلت هدير عبد الرازق إلى المحاكمة أمام المحكمة الاقتصادية، وهي الجهة القضائية المختصة بالنظر في جرائم تقنية المعلومات والإنترنت. صدر بحقها حكم أولي بالحبس والغرامة، إلا أنها استأنفت على الحكم. ومع ذلك، جاء الحكم الأخير ليؤكد الإدانة ويرفض الطعن المقدم منها، مما يجعل العقوبة واجبة النفاذ. وقد استندت المحكمة في قرارها إلى الأدلة المقدمة من النيابة العامة، والتي شملت مقاطع الفيديو المنشورة وتقارير فنية أثبتت إدارتها للحسابات التي تم بث المحتوى من خلالها.
الإطار القانوني والتهم الموجهة
استندت الاتهامات الموجهة إلى هدير عبد الرازق إلى مواد في القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، المعروف إعلاميًا بـ"قانون جرائم الإنترنت". تشمل التهم الأساسية التي وُجّهت إليها ما يلي:
- الاعتداء على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري: وهي تهمة فضفاضة تُستخدم بشكل متكرر في قضايا مماثلة لمعاقبة المحتوى الذي يُعتبر جريئًا أو مخالفًا للتقاليد السائدة.
- نشر محتوى خادش للحياء العام: ويشير هذا إلى أي مواد مرئية أو مسموعة تُعتبر منافية للآداب العامة وفقًا لتقدير السلطات القضائية.
- التحريض على الفسق والفجور: وهي تهمة تهدف إلى معاقبة كل من يدعو أو يسهل ممارسات تعتبرها القوانين المصرية غير أخلاقية.
الأهمية والتأثير الأوسع للقضية
تكتسب قضية هدير عبد الرازق أهميتها من كونها تعكس استمرار النهج الذي تتبعه السلطات المصرية في تنظيم الفضاء الرقمي ومراقبة المحتوى المنشور عليه. يرى المؤيدون لهذه الإجراءات أنها ضرورية لحماية الشباب والأخلاق العامة من الانحراف، بينما يرى المنتقدون أنها تمثل قيودًا على حرية التعبير والإبداع الشخصي على الإنترنت. كما يثير هذا الحكم جدلاً واسعًا حول الحدود الفاصلة بين الحرية الشخصية والمسؤولية المجتمعية في العصر الرقمي، ويُعد بمثابة رسالة تحذيرية واضحة لصناع المحتوى بضرورة الالتزام بالضوابط التي تفرضها القوانين والأعراف الاجتماعية في مصر.





