حكم قضائي نهائي: تأييد حبس البلوغر هدير عبد الرازق لمدة عام
أصدرت محكمة مستأنف الجنح الاقتصادية في مصر، خلال شهر أكتوبر 2023، قراراً قضائياً نهائياً بتأييد الحكم الصادر بحق البلوغر هدير عبد الرازق، والذي يقضي بحبسها لمدة عام واحد. يأتي هذا الحكم ليُسدل الستار على القضية التي واجهت فيها عبد الرازق اتهامات بنشر محتوى يُعتبر خادشاً للحياء العام عبر منصات التواصل الاجتماعي، ليصبح الحكم بذلك باتاً وواجب النفاذ.

خلفية القضية والتهم الموجهة
بدأت فصول القضية عندما قامت الإدارة العامة لحماية الآداب برصد نشاط البلوغر هدير عبد الرازق على تطبيقات التواصل الاجتماعي، حيث وُجهت إليها اتهامات بنشر فيديوهات ومحتوى اعتبرته السلطات مخالفاً للقيم الأسرية والمجتمعية في مصر. بناءً على التحريات، ألقت الأجهزة الأمنية القبض عليها، وقررت النيابة العامة حبسها على ذمة التحقيقات بعد أن وجهت إليها مجموعة من التهم المحددة.
استندت الاتهامات بشكل أساسي إلى مخالفة أحكام القانون رقم 175 لسنة 2018، المعروف بقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات. وشملت لائحة الاتهام ما يلي:
- نشر صور ومقاطع فيديو خادشة للحياء العام.
- التحريض على الفسق والفجور والإغراء.
- الاعتداء على مبادئ وقيم الأسرة في المجتمع المصري.
- إنشاء وإدارة حسابات خاصة على الشبكة المعلوماتية بهدف ارتكاب الجرائم السابقة.
المسار القضائي وصولاً إلى الحكم النهائي
بعد انتهاء تحقيقات النيابة، أُحيلت القضية إلى المحكمة الاقتصادية، وهي المحكمة المختصة بالنظر في جرائم الإنترنت والجرائم ذات الطابع الاقتصادي. قضت محكمة أول درجة بإدانة هدير عبد الرازق بالتهم المنسوبة إليها، وأصدرت حكماً بحبسها لمدة عام. لم يكن هذا الحكم نهاية المطاف، حيث قام فريق الدفاع عن عبد الرازق بالطعن عليه عبر الاستئناف، وهو إجراء قانوني يتيح مراجعة الحكم أمام محكمة أعلى درجة.
نظرت محكمة مستأنف الجنح الاقتصادية في الاستئناف المقدم، وبعد مراجعة أوراق القضية وأدلة الإثبات، قررت رفض الاستئناف وتأييد حكم محكمة أول درجة. وبصدور هذا القرار، أصبح الحكم نهائياً وغير قابل للطعن عليه مرة أخرى أمام محاكم الجنح، مما يعني وجوب تنفيذه فوراً.
السياق العام وقضايا مماثلة
تأتي قضية هدير عبد الرازق ضمن سياق أوسع لعدد من القضايا المماثلة التي شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة، والتي استهدفت عدداً من صناع المحتوى والمؤثرين على منصات مثل "تيك توك" و"إنستغرام". تثير هذه القضايا جدلاً مجتمعياً وقانونياً واسعاً حول حدود حرية التعبير على الإنترنت، والتوازن بينها وبين الحفاظ على ما تصفه الدولة بـ "الآداب العامة والقيم الأسرية".
يرى المؤيدون لهذه الإجراءات القانونية أنها ضرورية لحماية المجتمع من المحتوى الذي يعتبرونه غير لائق أو هدام، بينما يرى المنتقدون أنها قد تفرض قيوداً على الحريات الشخصية والإبداعية. وتستند السلطات في هذه القضايا إلى مواد قانونية فضفاضة أحياناً، مثل "الاعتداء على قيم الأسرة المصرية"، مما يفتح الباب لتفسيرات متباينة.
الأثر المباشر للحكم
يترتب على الحكم النهائي الصادر ضد هدير عبد الرازق وجوب قضائها فترة العقوبة المقررة وهي الحبس لمدة عام كامل. ويعكس هذا الحكم استمرار التوجه القضائي الحاسم في التعامل مع المحتوى الرقمي الذي تراه السلطات المصرية مخالفاً للقانون والأخلاق العامة، كما يبعث برسالة واضحة لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي حول العواقب القانونية المحتملة لنشر محتوى من هذا النوع.





