المغرب يعتبر قرار مجلس الأمن الأخير بشأن الصحراء انتصاراً لمبادرة الحكم الذاتي
في تطور دبلوماسي بارز يتعلق بقضية الصحراء، رحبت المملكة المغربية بقرار مجلس الأمن الدولي الأخير الذي جدد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو). وتعتبر الرباط هذا القرار بمثابة تأكيد دولي جديد على وجاهة مبادرة الحكم الذاتي التي قدمتها كحل سياسي للنزاع، وترسيخاً لموقفها على الساحة الدولية.

تفاصيل القرار الأممي وتداعياته
في أواخر أكتوبر 2023، تبنى مجلس الأمن القرار رقم 2703، الذي قضى بتمديد مهمة بعثة المينورسو لمدة عام آخر. وقد حظي القرار بدعم 13 عضواً، مع امتناع روسيا وموزمبيق عن التصويت. لم يأتِ القرار بتغييرات جذرية في مقاربة الأمم المتحدة، لكنه واصل التأكيد على ضرورة التوصل إلى حل سياسي "واقعي وعملي ودائم ومبني على التوافق".
كما شدد القرار مجدداً على أهمية العملية السياسية التي يشرف عليها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، ودعا جميع الأطراف — المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا — إلى المشاركة في اجتماعات الموائد المستديرة بروح من الواقعية والتوافق. هذه الصيغة، التي يصر عليها المغرب، تهدف إلى إشراك كافة الأطراف الإقليمية المعنية بالنزاع.
الموقف المغربي: ترسيخ للشرعية الدولية
من وجهة النظر المغربية، يمثل القرار استمراراً للزخم الدبلوماسي الذي تحقق في السنوات الأخيرة. تركز الدبلوماسية المغربية على النقاط التالية في تفسيرها للقرار:
- دعم مبادرة الحكم الذاتي: يرى المغرب أن إشادة القرار المستمرة بـ"الجهود الجادة وذات المصداقية" التي يبذلها، والتي وردت في قرارات المجلس منذ عام 2007، هي إشارة واضحة لدعم مقترح الحكم الذاتي كأساس للحل.
 - تجاوز خيار الاستفتاء: تعتبر الرباط أن تركيز القرار على الحل السياسي "المبني على التوافق" يضعف بشكل كبير فكرة تنظيم استفتاء لتقرير المصير، وهو الخيار الذي طالما طالبت به جبهة البوليساريو.
 - تحديد الأطراف المعنية: يؤكد القرار على صيغة الموائد المستديرة، وهو ما يتوافق مع رؤية المغرب التي تعتبر الجزائر طرفاً رئيسياً في النزاع الإقليمي، وليس مجرد مراقب.
 
وقد وصفت وزارة الشؤون الخارجية المغربية القرار بأنه "يرسخ المكتسبات" التي حققها المغرب، ويؤكد أن العملية السياسية هي المسار الوحيد للوصول إلى حل نهائي، مع تحديد إطارها المتمثل في المبادرة المغربية للحكم الذاتي.
خلفية تاريخية للنزاع
يعود نزاع الصحراء إلى عام 1975 بعد انسحاب إسبانيا، القوة الاستعمارية السابقة. أعلن المغرب سيادته على الإقليم، مما أدى إلى اندلاع نزاع مسلح مع جبهة البوليساريو التي تطالب بالاستقلال. وفي عام 1991، تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة، وتأسست بعثة المينورسو بهدف مراقبة الهدنة وتنظيم استفتاء لتقرير المصير.
لكن هذا الاستفتاء لم ينظم قط بسبب خلافات عميقة بين الطرفين حول من يحق له التصويت. وفي عام 2007، قدم المغرب مبادرة الحكم الذاتي كحل بديل، تقضي بمنح الإقليم صلاحيات واسعة في إدارة شؤونه المحلية تحت السيادة المغربية، وهو المقترح الذي يحظى بدعم متزايد من عدة دول تعتبره أساساً "جاداً وواقعياً" للمفاوضات.
الأهمية والسياق الدولي
يكتسب القرار أهميته من كونه يعكس التوجه الحالي للمجتمع الدولي، الذي يميل بشكل متزايد نحو دعم حل سياسي متفاوض عليه بدلاً من العودة إلى خيارات سابقة أثبتت عدم قابليتها للتطبيق. وفي حين يرحب المغرب بالقرار ويعتبره انتصاراً دبلوماسياً، تعبر جبهة البوليساريو والجزائر الداعمة لها عادةً عن رفضهما لمثل هذه القرارات، معتبرتين أنها لا تخدم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وبهذا، يظل القرار 2703، مثل سابقيه، مقياساً سنوياً لموازين القوى الدبلوماسية في هذا النزاع طويل الأمد، مع استمرار كل طرف في قراءة نصوصه بما يدعم موقفه.



