المواي تاي يتمسك بصلاحياته في إدارة رياضتي الجرابلينج والفنون القتالية المختلطة
شهدت الأوساط الرياضية المصرية، وتحديداً في مجال الفنون القتالية، تطوراً ملفتاً خلال الأسابيع القليلة الماضية، إثر تصاعد الخلاف حول صلاحيات إدارة رياضتي الجرابلينج والفنون القتالية المختلطة (MMA). فقد أصدر الاتحاد المصري للمواي تاي، برئاسة الأستاذ محمد إبراهيم، بياناً رسمياً شديد اللهجة يؤكد فيه أحقيته المطلقة في الإشراف والتنظيم لهاتين الرياضتين. يأتي هذا البيان رداً على ما وصفه الاتحاد بمحاولات غير قانونية من قبل الاتحاد المصري للجوجيتسو لاستقطاب الجرابلينج والفنون القتالية المختلطة ضمن لجانه، وهو ما يعتبره اتحاد المواي تاي مخالفة صريحة للقوانين واللوائح المعمول بها.

خلفية النزاع وصراع الصلاحيات
يتجذر هذا النزاع في طبيعة الفنون القتالية المتشابكة وتطورها المستمر. فرياضة الجرابلينج، التي تعتمد بشكل كبير على تقنيات الإمساك والخنق والتحكم على الأرض، وكذلك الفنون القتالية المختلطة (MMA) التي تجمع بين تقنيات الضرب والإمساك، كثيراً ما تثير تساؤلات حول الجهة الرياضية الأقدر على إدارتها وتنظيمها. لطالما كان للمواي تاي، وهو فن قتالي تايلاندي يركز على الضربات بالأيدي والأرجل والمرفقين والركب، تاريخ طويل في المساهمة بتطوير المقاتلين الذين ينتقلون إلى ساحة الفنون القتالية المختلطة نظراً لفاعليته في الوقوف والضرب. ووفقاً لبيان الاتحاد المصري للمواي تاي، فإن العلاقة الوثيقة بين هذه الرياضات، سواء من الناحية الفنية أو التاريخية، تمنحه الأولوية في الإشراف عليها. ويستند الاتحاد في موقفه إلى أن العديد من الاتحادات الدولية للمواي تاي تضطلع أيضاً بمسؤولية تنظيم فعاليات MMA والجرابلينج، مما يعكس نهجاً عالمياً لدعم هذا التداخل الفني.
يشير الاتحاد المصري للمواي تاي إلى أن قرارات سابقة ومراسيم وزارية صادرة عن وزارة الشباب والرياضة المصرية قد حددت بوضوح صلاحياته في هذا الشأن، وأن أي محاولة من قبل اتحاد آخر لتنظيم هذه الرياضات دون الرجوع إليه يعد تجاوزاً لهذه الصلاحيات وانتهاكاً للوائح المنظمة للحركة الرياضية في مصر. هذا التمسك بالحقوق القانونية يأتي في إطار الحرص على مصلحة اللاعبين وتوفير بيئة تنافسية عادلة ومنظمة تحت مظلة الجهة الشرعية.
التطورات الأخيرة ومطالب اتحاد المواي تاي
جاء البيان الأخير للاتحاد المصري للمواي تاي بمثابة تأكيد صارم على موقفه الرافض لأي محاولات لاقتطاع رياضتي الجرابلينج وMMA من إشرافه. وقد أشار البيان الصادر مطلع شهر نوفمبر الجاري إلى أن الاتحاد المصري للجوجيتسو قد قام بالفعل بمحاولات لتشكيل لجان خاصة بهاتين الرياضتين، وهو ما يعتبره اتحاد المواي تاي تصرفاً أحادياً لا يستند إلى أساس قانوني أو تنظيمي سليم. وقد دعا الاتحاد المصري للمواي تاي جميع الأندية والمراكز الرياضية واللاعبين إلى الالتزام باللوائح الرسمية وعدم التعامل مع أي جهة غير مخولة بتنظيم هذه الرياضات، وذلك لتجنب الوقوع في أي مخالفات قد تؤثر على مستقبلهم الرياضي.
كما ناشد الاتحاد السلطات الرياضية العليا في مصر، ممثلة في وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية المصرية، بالتدخل الفوري لحسم هذا النزاع وتأكيد الصلاحيات المحددة لكل اتحاد، وذلك للحفاظ على استقرار المنظومة الرياضية ومنع تضارب الاختصاصات الذي قد يؤثر سلباً على مسيرة اللاعبين وتطور الرياضات المعنية. ويؤكد الاتحاد أن غياب الوضوح في هذا الشأن قد يؤدي إلى تفكك الجهود المبذولة لتطوير هذه الرياضات وزيادة عدد ممارسيها وممثليها في المحافل الدولية.
التأثيرات المحتملة على المشهد الرياضي
لهذا النزاع حول الصلاحيات تداعيات كبيرة قد تمتد لتؤثر على العديد من المستويات في المشهد الرياضي المصري. أولاً، على مستوى اللاعبين، يمكن أن يؤدي تضارب الاختصاصات إلى حالة من عدم اليقين بشأن المسار التدريبي والتنافسي الأمثل. قد يجد الرياضيون أنفسهم محاصرين بين كيانين رياضيين، مما قد يعيق فرصهم في المشاركة ببطولات معترف بها دولياً أو الحصول على الدعم اللازم. ثانياً، على مستوى الأندية والمدربين، فإن عدم وجود مرجعية واضحة يمكن أن يؤثر على منهجيات التدريب وعلى فرص الحصول على التراخيص اللازمة لتنظيم الدورات والبطولات المحلية.
علاوة على ذلك، فإن الصورة العامة للرياضة المصرية قد تتأثر سلباً جراء هذه الخلافات، حيث يمكن أن تعكس ضعفاً في التنظيم الإداري وتنسيق الجهود بين الاتحادات الرياضية. إن حسم هذه المسألة بأسرع وقت ممكن لا يقتصر على فض نزاع بين كيانين، بل يمس جوهر استقرار وتطور هذه الرياضات التي تحظى بشعبية متزايدة في مصر والعالم. يتطلب الأمر تدخلاً حكيماً يضمن تطبيق اللوائح القائمة ويضع حداً لأي محاولات للتجاوز، بهدف وحيد هو خدمة الرياضة والرياضيين ورفع راية مصر في المحافل الدولية.




