انخفاض سعر الدولار مقابل الجنيه المصري في البنوك المحلية
شهد سعر صرف الدولار الأمريكي تراجعاً ملحوظاً أمام الجنيه المصري خلال تعاملات يوم الأربعاء، 5 نوفمبر 2025، حيث فقدت العملة الخضراء ما يقرب من 11 قرشاً في معظم البنوك العاملة في مصر. يأتي هذا الانخفاض استمراراً لمسار من التحسن النسبي للجنيه، الذي بدأ يكتسب زخماً في الأسابيع الأخيرة بعد فترة من التقلبات التي أعقبت قرار تحرير سعر الصرف.

وبنهاية التعاملات، سجل سعر الدولار في البنك الأهلي المصري وبنك مصر، أكبر بنكين حكوميين، مستويات جديدة، حيث بلغ سعر الشراء حوالي 47.37 جنيهاً، بينما استقر سعر البيع عند 47.47 جنيهاً. وتراوحت الأسعار في البنوك الخاصة ضمن نطاق سعري متقارب، مما يعكس حالة من الاستقرار في سوق الصرف الرسمية.
خلفية تحرير سعر الصرف
يعود السياق الحالي لسوق الصرف إلى القرار التاريخي الذي اتخذه البنك المركزي المصري في 6 مارس 2024، والقاضي بتحرير سعر صرف الجنيه بشكل كامل، وتركه لقوى العرض والطلب. هذا القرار، الذي كان جزءاً من حزمة إصلاحات اقتصادية أوسع، استهدف القضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبي وتوحيد سعر الصرف بعد وجود سوق موازية لسنوات طويلة. وقد أدى التعويم في بدايته إلى انخفاض حاد في قيمة الجنيه، قبل أن تبدأ العملة المحلية في استعادة بعض قوتها تدريجياً.
أسباب التراجع الأخير للدولار
يرجع المحللون الاقتصاديون هذا التحسن في أداء الجنيه المصري أمام الدولار إلى مجموعة من العوامل المتكاملة التي عززت من موارد الدولة من النقد الأجنبي وخففت من ضغوط الطلب.
- زيادة التدفقات الاستثمارية الأجنبية: كان لصفقة تطوير مشروع "رأس الحكمة" بشراكة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي ضخت استثمارات مباشرة بمليارات الدولارات، أثر مباشر في تعزيز احتياطيات النقد الأجنبي. إلى جانب ذلك، ساهمت الموافقة على زيادة قيمة قرض صندوق النقد الدولي وتدفق حزم مساعدات مالية من شركاء دوليين، مثل الاتحاد الأوروبي، في توفير سيولة دولارية كبيرة.
- السياسات النقدية المتشددة: لعبت قرارات البنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة بشكل كبير دوراً محورياً في كبح جماح التضخم وجذب الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، مما زاد من المعروض من الدولار في السوق المحلية.
- القضاء على السوق الموازية: نجحت خطوة تحرير سعر الصرف في توجيه كافة تعاملات النقد الأجنبي إلى القنوات الرسمية المتمثلة في البنوك وشركات الصرافة، وهو ما أدى إلى اختفاء السوق السوداء وزيادة الشفافية واستقرار آلية التسعير.
- تحسن مصادر العملة الصعبة التقليدية: شهدت الفترة الأخيرة انتعاشاً في إيرادات قطاع السياحة، بالإضافة إلى استقرار في تحويلات المصريين العاملين بالخارج عبر القنوات المصرفية الرسمية، مما دعم المعروض من العملة الصعبة.
التأثيرات على الاقتصاد والمواطن
يُنظر إلى استمرار قوة الجنيه كعامل إيجابي ومباشر في جهود السيطرة على معدلات التضخم. فانخفاض سعر الدولار يقلل من تكلفة استيراد السلع الأساسية والمواد الخام ومدخلات الإنتاج، وهو ما يُتوقع أن ينعكس تدريجياً على أسعار المنتجات النهائية في الأسواق للمستهلكين.
كما يوفر هذا التراجع متنفساً للمستوردين والشركات التي تعتمد على مكونات أجنبية في صناعاتها، مما يقلل من أعباء التكلفة ويدعم استمرارية النشاط الاقتصادي. على الصعيد الحكومي، يساهم انخفاض قيمة الدولار في تخفيف عبء خدمة الدين الخارجي المقوم بالعملات الأجنبية، مما يمنح الموازنة العامة للدولة مرونة أكبر.
بشكل عام، يمثل تراجع سعر الدولار مؤشراً على بدء استقرار سوق الصرف في مصر، ويعكس نجاح حزمة الإجراءات الاقتصادية الأخيرة في معالجة الاختلالات التي عانى منها الاقتصاد على مدار السنوات الماضية. وتواصل الجهات المعنية مراقبة التطورات عن كثب لضمان استدامة هذا الاستقرار.





