باسم يوسف: الغرب استغل الفن والإعلام لتشويه صورة العرب والقضية الفلسطينية
أثار الإعلامي والطبيب الساخر باسم يوسف، المعروف ببرنامجه الشهير «البرنامج»، جدلاً واسعاً بتصريحاته الأخيرة حول دور الفن والإعلام الغربي في تشويه صورة العرب وتناول القضية الفلسطينية. جاءت هذه التصريحات، التي حظيت باهتمام كبير على نطاق واسع في أواخر عام 2023 وبدايات عام 2024، خلال ظهوره في عدة مقابلات إعلامية عالمية، كاشفاً عن خلاصة تجربته ومعايشته للحياة في الولايات المتحدة الأمريكية على مدى سنوات.

خلفية التصريحات وتجربة باسم يوسف
بعد مغادرته مصر عقب توقف برنامجه الساخر، استقر باسم يوسف في الولايات المتحدة، حيث أتاح له ذلك فرصة فريدة لمعاينة كيفية تناول الإعلام والثقافة الغربية للقضايا العربية والإسلامية عن كثب. ووفقاً لتصريحاته، فإن هذه التجربة كشفت له عن فجوة عميقة في الفهم والتصورات بين العالم العربي والغرب، لا سيما في طريقة عرض الصراعات الإقليمية والقضايا الحساسة مثل القضية الفلسطينية. شدد يوسف على أن هذه الفجوة ليست مجرد سوء فهم عابر، بل هي نتاج جهود ممنهجة ومتراكمة استخدمت فيها أدوات قوية مثل الفن والإعلام لترسيخ صورة نمطية سلبية عن العرب والمسلمين.
آلية التشويه الفني والإعلامي
يرى باسم يوسف أن السينما والتلفزيون والدراما الغربية، بالإضافة إلى التغطية الإخبارية، قد ساهمت بشكل كبير في بناء تصورات مشوهة عن العالم العربي. تعتمد هذه الآلية على تكرار صور نمطية معينة، مثل تصوير العرب كأشخاص متطرفين، أو غير حضاريين، أو مصدر تهديد دائم للغرب، أو كضحايا سلبيين لا يمتلكون القدرة على اتخاذ القرار. هذا التنميط لا يكتفي بالتركيز على الجوانب السلبية، بل يتجاهل التنوع الثقافي والحضاري الغني في العالم العربي، ويسهم في بناء حواجز الفهم والتعاطف. وأشار يوسف إلى أن هذه الصورة النمطية لا تقتصر على القضايا السياسية فحسب، بل تتغلغل بعمق في النسيج الثقافي العام، مما يؤثر على النظرة المجتمعية الأوسع تجاه الأفراد العرب والمسلمين المقيمين في الغرب، ويؤثر على فرصهم وتفاعلهم اليومي.
القضية الفلسطينية كمثال بارز
برزت القضية الفلسطينية كنقطة محورية في تحليلات يوسف. فقد أوضح أن التغطية الإعلامية الغربية لهذه القضية غالباً ما تكون متحيزة، وتركز على سرد واحد، وتهمل السياق التاريخي والمعاناة الإنسانية للفلسطينيين. وحسب يوسف، فإن هذا التناول يساهم في نزع الإنسانية عن الشعب الفلسطيني، ويبرر الإجراءات ضدهم، ويصوّر الصراع بطريقة تخدم مصالح معينة. كما لفت الانتباه إلى الفروقات في التعاطف والتغطية بين أحداث مشابهة تحدث في مناطق مختلفة من العالم، مشيراً إلى معايير مزدوجة واضحة في هذا الصدد.
سياق أوسع ومناقشات متصلة
تندرج تصريحات باسم يوسف ضمن سياق أوسع من النقاشات الأكاديمية والإعلامية حول «الاستشراق» و«تمثيل الآخر» في الإعلام الغربي. فلطالما تناول باحثون ومفكرون كيفية بناء صورة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الوعي الغربي عبر الفن والأدب والإعلام، وكيف أن هذه الصورة غالباً ما تكون مبنية على افتراضات وقوالب نمطية تخدم أغراضاً سياسية واقتصادية. تصريحات يوسف أعادت تسليط الضوء على هذه الديناميكية من منظور شخصي ومباشر، اكتسب صدى كبيراً نظراً لشهرته وقدرته على التواصل مع جمهور واسع.
ردود الفعل والتأثير
لاقت تصريحات باسم يوسف ردود فعل متباينة واسعة النطاق؛ فبينما أشاد بها الكثيرون في العالم العربي وعلى المستوى الدولي، واعتبروها جريئة، وصادقة، وتكشف زيف الروايات السائدة، مُنحت أهمية خاصة في أوساط المدافعين عن حقوق الإنسان وجمعيات الضغط المؤيدة للقضية الفلسطينية. في المقابل، واجهت هذه التصريحات انتقادات من أطراف أخرى رأت فيها تبسيطاً مبالغاً فيه لمسائل معقدة، أو اتهامات بتعميم غير دقيق، أو انحيازاً واضحاً ضد الإعلام الغربي. بغض النظر عن وجهات النظر المختلفة، أسهمت هذه التصريحات بلا شك في إثراء النقاش العام حول الإعلام الغربي ودوره في صياغة الرأي العام تجاه المنطقة العربية وقضاياها المحورية. لقد زادت من الوعي بأهمية التفكير النقدي في المحتوى الإعلامي والفني الذي يتلقاه الجمهور، وشجعت على طرح تساؤلات جوهرية حول مسؤولية وسائل الإعلام في تقديم روايات متوازنة وشاملة، وتحدي الصور النمطية الراسخة التي طالما أثرت على فهم الشعوب وتقديرها لبعضها البعض، وخلقت أرضية لخلق حوار أعمق حول التمثيل الإعلامي والعدالة التصويرية.





