بالتعاون مع الأزهر.. الطرق الصوفية تنظم مجالس علمية بمسجد الحسين عن مكانة آل البيت والأولياء
في خطوة تهدف إلى تعزيز الوعي الديني وترسيخ المفاهيم الإسلامية المعتدلة، تشهد ساحات مسجد الإمام الحسين بالقاهرة خلال الفترة الأخيرة تنظيم سلسلة من المجالس العلمية والندوات المتخصصة. تُنظِّم هذه الفعاليات المشيخة العامة للطرق الصوفية في مصر، بمشاركة فاعلة ومميزة من علماء ومبعوثي الأزهر الشريف، حيث تتمحور النقاشات والمحاضرات حول بيان فضل ومكانة آل بيت النبي وأولياء الله الصالحين في الإسلام.

تفاصيل المبادرة وأهدافها
تأتي هذه المجالس العلمية كجزء من برنامج دعوي وتثقيفي متكامل يهدف إلى إحياء التراث الروحي وتقديم فهم عميق لمبادئ الإسلام القائمة على المحبة والوسطية. تسعى المشيخة العامة للطرق الصوفية، التي يرأسها الدكتور عبد الهادي القصبي، من خلال هذه الأنشطة إلى توعية الجمهور العام بالأسس الشرعية والتاريخية لاحترام وتقدير آل البيت والأولياء، باعتبارهم نماذج يُحتذى بها في الإيمان والأخلاق. تشمل الفعاليات محاضرات يلقيها كبار العلماء، وحلقات نقاشية تجيب على استفسارات الحضور، مما يخلق حالة من التفاعل المعرفي المباشر. ومن بين الجهات المشاركة بفاعلية مؤسسة "حي على الوداد" التي يشرف عليها الشيخ جابر بغدادي، وكيل المشيخة العامة، والذي يُعد من الوجوه البارزة في هذه الحركة العلمية.
أهمية مسجد الحسين كمنصة للفعاليات
لم يكن اختيار مسجد الإمام الحسين لإقامة هذه المجالس عشوائياً، بل يحمل دلالات رمزية وروحية عميقة. يُعتبر المسجد أحد أهم المعالم الإسلامية في مصر والعالم الإسلامي، وله مكانة خاصة في قلوب المصريين لارتباطه الوجداني بحفيد النبي، الإمام الحسين. هذه المكانة تجعله المنصة المثالية لمناقشة موضوعات تتعلق بآل البيت، حيث يتوافد عليه يومياً آلاف الزوار والمريدين، مما يضمن وصول رسالة هذه المجالس العلمية إلى شريحة واسعة من المجتمع. إن إقامة مثل هذه الفعاليات في رحاب الحسين يعزز من ارتباط الناس بتاريخهم الديني والثقافي بشكل حي ومباشر.
دور الأزهر الشريف والمشيخة الصوفية
تُبرز المشاركة القوية لعلماء الأزهر الشريف في هذه الندوات عمق العلاقة التكاملية بين المؤسسة الدينية الرسمية في مصر وبين الطرق الصوفية المعتمدة. حضور وعاظ وعلماء الأزهر يمنح هذه المجالس ثقلاً علمياً وشرعياً كبيراً، ويؤكد أن تكريم آل البيت والأولياء هو جزء أصيل من العقيدة السنية التي يمثلها الأزهر. هذا التعاون يخدم أهدافاً مشتركة، أهمها:
- نشر الفكر الإسلامي المعتدل ومواجهة الأفكار المتطرفة التي تهاجم الممارسات الصوفية وتكفرها.
- تقديم مرجعية دينية موثوقة للجمهور بعيداً عن المصادر غير المؤهلة.
- تعزيز اللحمة المجتمعية من خلال إحياء المناسبات والتقاليد الدينية ذات البعد الوطني والشعبي.
السياق الأوسع والمغزى الديني والثقافي
تندرج هذه المبادرة ضمن سياق أوسع لجهود الدولة المصرية ومؤسساتها الدينية للحفاظ على الهوية الدينية والثقافية للبلاد، والتي يتميز بها التصوف كأحد مكوناتها الرئيسية. في وقت تنتشر فيه تفسيرات متشددة للإسلام، تعمل هذه المجالس على إعادة تأكيد المفاهيم التقليدية القائمة على الروحانية والمحبة والتسامح. إن تسليط الضوء على مكانة آل البيت والأولياء لا يمثل مجرد استعادة لسيرهم العطرة، بل هو تأكيد على منظومة قيمية متكاملة تشجع على الاقتداء بالصالحين وتعظيم الرموز الدينية، وهو ما يُعتبر ركيزة أساسية في مواجهة خطاب الكراهية والتطرف الفكري الذي يرفض هذا التنوع والغنى في التراث الإسلامي.




