تحذير توماس باراك: إسرائيل قد تتصرف أحاديًا حال استمرار تردد لبنان في نزع سلاح حزب الله
أدلى توماس باراك، المبعوث الأمريكي السابق والمستثمر المعروف، بتصريحات تحذيرية في وقت سابق من هذا الأسبوع، أشار فيها إلى احتمال قيام إسرائيل بتحرك عسكري منفرد ضد حزب الله في لبنان، في حال استمرت الحكومة اللبنانية في ما وصفه بـ "ترددها" أو "عدم قدرتها" على نزع سلاح الحزب. هذه التصريحات تسلط الضوء مجددًا على التوترات المزمنة بين إسرائيل ولبنان، ودور حزب الله كلاعب رئيسي في المشهد السياسي والأمني اللبناني، مما يثير مخاوف من تصعيد محتمل في المنطقة.
الخلفية التاريخية والقضية الأساسية
تعود جذور هذه القضية إلى عقود من الصراع بين إسرائيل والكيانات المسلحة في لبنان، وتحديدًا بعد تأسيس حزب الله في ثمانينيات القرن الماضي. يعتبر الحزب، الذي بدأ كقوة مقاومة للاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، اليوم قوة سياسية وعسكرية لا يستهان بها، حيث يمتلك ترسانة ضخمة من الأسلحة تفوق في بعض جوانبها قدرات الجيش اللبناني الرسمي. تُمثل هذه الترسانة، إلى جانب نفوذ الحزب السياسي الكبير، مصدر قلق عميق لإسرائيل وللمجتمع الدولي.
- قرار مجلس الأمن رقم 1701: صدر هذا القرار عام 2006 في أعقاب حرب لبنان الثانية بين إسرائيل وحزب الله. يدعو القرار إلى وقف شامل لإطلاق النار، ونزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان باستثناء الجيش اللبناني، ونشر القوات المسلحة اللبنانية على طول الحدود مع إسرائيل، وانسحاب جميع القوات الأجنبية.
- وضع حزب الله: على الرغم من القرار 1701، احتفظ حزب الله بسلاحه، مشددًا على أنه ضروري للدفاع عن لبنان ضد التهديدات الإسرائيلية. يُنظر إلى الحزب على أنه "دولة داخل دولة" في لبنان، يمتلك بنية تحتية عسكرية ومدنية واسعة النطاق.
- المخاوف الإسرائيلية: تعتبر إسرائيل وجود ترسانة حزب الله على حدودها الشمالية تهديدًا استراتيجيًا مباشرًا، خاصةً مع قدرته على إطلاق آلاف الصواريخ نحو الأراضي الإسرائيلية. تراقب إسرائيل عن كثب أي محاولات لتعزيز قدرات الحزب العسكرية، وخاصة تلقيه أسلحة متطورة من إيران.
التطورات الأخيرة والضغوط الإقليمية والدولية
شهدت السنوات الأخيرة تجددًا في التوترات على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية، مع حوادث متفرقة تتضمن اختراقات جوية وبحرية، ومناورات عسكرية من الجانبين. يضاف إلى ذلك، تعثر المفاوضات غير المباشرة بشأن ترسيم الحدود البحرية والبرية بين البلدين، مما يزيد من حساسية الوضع.
يواجه لبنان أزمات داخلية متفاقمة، بما في ذلك انهيار اقتصادي حاد وشلل سياسي مزمن. هذه الظروف تحد من قدرة الحكومة اللبنانية على اتخاذ قرارات حاسمة، خصوصًا تلك التي تتعلق بوضع حزب الله، الذي يُعد جزءًا لا يتجزأ من النسيج السياسي والاجتماعي في البلاد. تجد الحكومة نفسها في موقف صعب، محاصرة بين الضغوط الدولية للامتثال للقرار 1701، والواقع السياسي الداخلي الذي يمنح حزب الله نفوذًا كبيرًا.
من جانبه، كثفت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى ضغوطها على لبنان لمعالجة قضية نزع سلاح حزب الله، وربطت في بعض الأحيان المساعدات بمدى التزام الحكومة اللبنانية بهذه المطالب. ومع ذلك، تبقى هذه الجهود الدبلوماسية محفوفة بالتحديات، نظرًا للتعقيدات الداخلية والإقليمية.
الأهمية والتداعيات المحتملة
تحمل تحذيرات مثل تلك التي أطلقها توماس باراك وزنًا كبيرًا، لأنها تعكس مخاوف متنامية في الدوائر الغربية والإسرائيلية من جمود الوضع الحالي. إن أي تحرك عسكري إسرائيلي "منفرد" في لبنان يمكن أن يؤدي إلى تداعيات خطيرة، لا تقتصر على البلدين فحسب، بل تمتد لتشمل المنطقة بأسرها. يمكن أن يشمل ذلك:
- تصعيد عسكري واسع النطاق: قد يشعل تدخل إسرائيلي صراعًا جديدًا بين إسرائيل وحزب الله، يفوق في شدته وعواقبه حرب عام 2006، نظرًا للقدرات العسكرية المتطورة التي يمتلكها الطرفان اليوم.
- تدهور الأوضاع في لبنان: ستزيد أي مواجهة عسكرية من الأزمة الاقتصادية والإنسانية في لبنان، وقد تؤدي إلى انهيار كامل لمؤسسات الدولة.
- تدخلات إقليمية: يمكن أن تجر المواجهة أطرافًا إقليمية أخرى، مثل إيران وسوريا، مما يزيد من تعقيد الصراع ويوسعه.
- تحدي القانون الدولي: قد يُنظر إلى أي عمل أحادي الجانب على أنه انتهاك للقانون الدولي، مما يعقد الجهود الدبلوماسية المستقبلية.
تؤكد تصريحات باراك على أن قضية نزع سلاح حزب الله ليست مجرد مسألة أمنية داخلية للبنان، بل هي جزء حيوي من استقرار المنطقة ككل، وأن استمرار الوضع الراهن يحمل في طياته بذور صراع مستقبلي محتمل.





