ترامب يعرب عن فخره بالاتفاقات الإبراهيمية ويعتبر السلام في الشرق الأوسط وشيكاً
في تصريحات تعود إلى أواخر عام 2020، أعرب الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب عن فخره الكبير بالدور الذي لعبته إدارته في التوصل إلى اتفاقات تطبيع تاريخية بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، مشيراً إلى أن "لحظة السلام" في منطقة الشرق الأوسط باتت قريبة. جاءت هذه التصريحات في سياق ما عُرف بـ"الاتفاقات الإبراهيمية"، والتي شكلت تحولاً استراتيجياً في دبلوماسية المنطقة.

خلفية الاتفاقات الإبراهيمية
مثّلت الاتفاقات الإبراهيمية سلسلة من معاهدات السلام والتطبيع الدبلوماسي التي بدأت بتوقيع كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين عليها مع إسرائيل في البيت الأبيض في سبتمبر 2020. تم التوصل إلى هذه الاتفاقات بوساطة أمريكية مباشرة بقيادة إدارة ترامب وفريقه، بما في ذلك مستشاره جاريد كوشنر. وفي الأشهر التالية، انضم كل من السودان والمغرب إلى ركب التطبيع، مما وسّع من نطاق هذه المبادرة الدبلوماسية.
خالفت هذه الاتفاقات الإجماع العربي الذي ساد لعقود، والذي كان يربط أي تطبيع مع إسرائيل بالتوصل أولاً إلى حل للقضية الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية مستقلة. بدلاً من ذلك، تبنت الاتفاقات الإبراهيمية نهجاً جديداً يركز على المصالح المشتركة في مجالات الاقتصاد والأمن والتكنولوجيا، وتكوين جبهة موحدة لمواجهة التحديات الإقليمية، وعلى رأسها النفوذ الإيراني.
تصريحات ترامب وأبعادها السياسية
كانت تصريحات الرئيس ترامب، التي عبر فيها عن فخره واعتبر أن السلام بات وشيكاً، جزءاً أساسياً من حملة إدارته لتسويق هذه الاتفاقات كإنجاز تاريخي وغير مسبوق في السياسة الخارجية. أكد ترامب في مناسبات عدة أن المزيد من الدول العربية والإسلامية كانت على وشك الانضمام، وأن هذه الصفقات ستحقق ازدهاراً واستقراراً للمنطقة بأكملها. بالنسبة لإدارته، كانت هذه الاتفاقات دليلاً على نجاح نهجها الدبلوماسي المختلف، والذي اعتمد على الصفقات الثنائية والضغط الاقتصادي بدلاً من المفاوضات متعددة الأطراف التقليدية.
تمحورت أهمية هذه التصريحات حول إعادة تعريف مفهوم "السلام" في الشرق الأوسط، حيث تم فصله عن المسار الفلسطيني-الإسرائيلي المعقد. من وجهة نظر المؤيدين، فتحت هذه الاتفاقات الباب أمام:
- تعاون اقتصادي واستثماري مباشر بين إسرائيل والدول العربية الموقعة.
- تنسيق أمني وعسكري لمواجهة التهديدات المشتركة.
- تبادل ثقافي وتكنولوجي يعزز العلاقات بين الشعوب.
ردود الفعل المتباينة
قوبلت الاتفاقات وتصريحات ترامب بترحيب واسع من الدول الموقعة والولايات المتحدة وحلفائها، حيث اعتبروها خطوة شجاعة نحو شرق أوسط جديد وأكثر استقراراً. ورأى العديد من المحللين أنها تعكس واقعاً جيوسياسياً متغيراً لم تعد فيه القضية الفلسطينية هي الأولوية المطلقة لجميع الدول العربية.
على الجانب الآخر، أدانت القيادة الفلسطينية بشدة هذه الاتفاقات ووصفتها بأنها "خيانة" للقضية الفلسطينية والقدس. أكدت السلطة الفلسطينية أن هذه الخطوات تقوض مبادرة السلام العربية لعام 2002، التي اشترطت التطبيع بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي. كما انتقدت دول ومنظمات أخرى، مثل إيران وتركيا، هذه الاتفاقات واعتبرتها تنازلاً عن الحقوق الفلسطينية وتآمراً يخدم المصالح الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة.
التأثير والمستقبل
على الرغم من انتهاء ولاية ترامب، حافظت إدارة الرئيس جو بايدن على دعمها للاتفاقات الإبراهيمية وسعت إلى توسيعها. تستمر العلاقات بين إسرائيل والدول الموقعة في النمو في مختلف القطاعات. ومع ذلك، لا تزال الاتفاقات تمثل نقطة خلافية في العالم العربي، كما أنها لم تسهم حتى الآن في إحراز أي تقدم ملموس على مسار حل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، الذي يظل المصدر الرئيسي للتوتر في المنطقة.





