ترامب يلمح لخطة نزع سلاح نووي "غامضة" تضم روسيا والصين
لمح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء الماضي، إلى خطة "غامضة" محتملة لنزع السلاح النووي، قد تشمل تعاونًا بين الولايات المتحدة وروسيا والصين. جاء هذا التصريح الموجز دون تقديم تفاصيل إضافية، مما أثار اهتمامًا واسعًا وتساؤلات حول طبيعة هذه المبادرة وجدواها.

الخلفية التاريخية والتحديات
لطالما كانت جهود الحد من التسلح النووي ونزعه محورًا للعلاقات الدولية، خاصة بين الولايات المتحدة وروسيا، القوتين النوويتين الأكبر في العالم. تعاقبت الاتفاقيات الثنائية، مثل معاهدة ستارت الجديدة، على مدار عقود لتقييد حجم الترسانات النووية للبلدين. أما الصين، التي تمتلك ترسانة نووية كبيرة وإن كانت أصغر وأقل شفافية مقارنة بالولايات المتحدة وروسيا، فقد حافظت على سياسة "الحد الأدنى من الردع" ورفضت تاريخياً الانضمام إلى مفاوضات نزع السلاح ثلاثية الأطراف، بحجة أن ترسانتها لا يمكن مقارنتها بترسانتي القوتين العظميين. هذا السياق التاريخي يجعل أي إشارة إلى مشاركة صينية محتملة في مثل هذه الخطة بمثابة تحول كبير في ديناميكيات مراقبة الأسلحة العالمية.
التطورات الأخيرة وردود الفعل الأولية
جاء تصريح الرئيس ترامب الأخير في خضم نقاشات أوسع حول الأمن الدولي والاستقرار الاستراتيجي. أثار تضمين الصين في هذا الاقتراح جدلاً فورياً، نظراً لموقف بكين الثابت. لم يقدم البيت الأبيض أو وزارة الخارجية الأمريكية أي تفاصيل إضافية لتوضيح طبيعة هذه الخطة أو الخطوات التالية المحتملة، مما ترك الباب مفتوحاً للتكهنات. أشارت تقارير من موسكو إلى ترحيب حذر بالفكرة، حيث عبر مسؤولون روس عن استعدادهم للحوار حول الاستقرار الاستراتيجي، لكنهم شددوا على ضرورة وجود مقترحات ملموسة. وفي بكين، كانت ردود الفعل الأولية متحفظة، مع التأكيد على السياسات النووية الصينية الحالية والفجوة الكبيرة بين قدراتها وقدرات الولايات المتحدة وروسيا النووية.
الأهمية والتداعيات المحتملة
تحمل إمكانية تشكيل مبادرة ثلاثية لنزع السلاح النووي أهمية جيوسياسية بالغة. إذا ما تحققت هذه الخطة، فإنها ستمثل إعادة هيكلة جوهرية لبنية مراقبة الأسلحة النووية العالمية. إن دمج الصين في إطار نزع السلاح يطرح تحديات فريدة، نظراً لأهدافها الاستراتيجية المختلفة، ونقص البيانات الشاملة القابلة للتحقق، ومقاومتها التاريخية للالتزام بالأطر الأمريكية-الروسية. يرى الخبراء أن إحراز أي تقدم ملموس في هذا المسعى سيتطلب مستويات غير مسبوقة من الثقة والشفافية والاتفاق على آليات التحقق بين ثلاث قوى عالمية رئيسية لها مصالح متباينة في كثير من الأحيان. علاوة على ذلك، فإن الطبيعة "الغامضة" للخطة، المقترنة بغياب التفاصيل، تثير تساؤلات حول جدواها وما إذا كانت تمثل مسعى دبلوماسياً جاداً أم بياناً طموحاً. يمكن أن يؤثر نجاح أو فشل هذا المسعى بشكل عميق على الاستقرار الدولي ومستقبل جهود عدم الانتشار النووي.
بينما يظل اقتراح الرئيس ترامب مجرد فكرة عامة، فإن تداعياته المحتملة بعيدة المدى. إن مشاركة الولايات المتحدة وروسيا والصين في جهد منسق لنزع السلاح النووي سيمثل لحظة تاريخية، قد تبشر بعصر جديد من الاستقرار الاستراتيجي أو، على النقيض، تفاقم التوترات القائمة إذا لم تُدار بحذر دبلوماسي شديد. يترقب المجتمع الدولي المزيد من التفاصيل، مدركاً أن مسار نزع السلاح النووي بين هؤلاء اللاعبين الرئيسيين محفوف بالتعقيد ويتطلب مشاركة مستمرة وشفافة.





