ترحيب دولي باتفاق الهدنة في غزة مع دعوات للتنفيذ الفوري
حظي المقترح الأخير لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي كشف عنه الرئيس الأمريكي جو بايدن، بترحيب دولي واسع النطاق، وتُوّج بصدور قرار من مجلس الأمن الدولي يدعم الخطة ويدعو طرفي النزاع، إسرائيل وحركة حماس، إلى تطبيقها بشكل كامل وفوري. ويمثل هذا التطور الدبلوماسي أبرز محاولة منسقة لإنهاء الحرب المستمرة منذ أشهر، والتي خلفت أزمة إنسانية كارثية.

تفاصيل المقترح الأمريكي
في أواخر شهر مايو، أعلن الرئيس جو بايدن عن خطة من ثلاث مراحل وصفها بأنها مقترح إسرائيلي يهدف إلى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار وإعادة جميع الرهائن. تتضمن الخطة مسارًا واضحًا لإنهاء الصراع وإعادة إعمار القطاع المدمر، وتتلخص مراحلها في الآتي:
- المرحلة الأولى: تمتد لستة أسابيع وتشمل وقفًا فوريًا وشاملًا لإطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من جميع المناطق المأهولة بالسكان في غزة. خلال هذه الفترة، يتم إطلاق سراح عدد من الرهائن، خاصة النساء وكبار السن والجرحى، مقابل إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين. كما تتضمن هذه المرحلة عودة المدنيين الفلسطينيين إلى منازلهم في شمال القطاع وزيادة كبيرة في المساعدات الإنسانية لتصل إلى 600 شاحنة يوميًا.
- المرحلة الثانية: تتضمن التوصل إلى اتفاق لإنهاء دائم للأعمال العدائية. مقابل ذلك، يتم إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء المتبقين، بما في ذلك الجنود الذكور، وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة.
- المرحلة الثالثة: تبدأ خطة إعادة إعمار كبرى في غزة تستمر لعدة سنوات، بدعم دولي وإقليمي، بالإضافة إلى إعادة رفات الرهائن المتوفين إلى عائلاتهم.
المواقف وردود الفعل الدولية
بعد إعلان المقترح، توالت ردود الفعل الإيجابية من مختلف أنحاء العالم. وكان أبرزها تبني مجلس الأمن الدولي في 10 يونيو قرارًا يدعم الخطة، حيث صوتت 14 دولة لصالحه مع امتناع روسيا عن التصويت. ودعا القرار حركة حماس إلى قبول الاتفاق، وحث الطرفين على تنفيذه "دون تأخير ودون شروط".
بالإضافة إلى الأمم المتحدة، أصدرت مجموعة الدول السبع (G7) بيانًا مشتركًا أعربت فيه عن دعمها الكامل للصفقة. كما رحبت دول عربية رئيسية تلعب دور الوساطة، مثل مصر وقطر، بالمقترح وبالقرار الأممي، مؤكدة استمرار جهودها للتوصل إلى اتفاق. كذلك، صدرت بيانات ترحيب من دول أوروبية بارزة كالمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، التي شددت على أن المقترح يمثل فرصة حقيقية لإنهاء معاناة المدنيين.
موقف الأطراف المعنية
على الرغم من الترحيب الدولي، لا يزال الموقف النهائي للطرفين الرئيسيين غير واضح تمامًا. رحبت حركة حماس بقرار مجلس الأمن وأبدت استعدادها للتعاون مع الوسطاء للدخول في مفاوضات غير مباشرة حول تطبيق المبادئ التي تضمنها المقترح، لكنها شددت على مطالبها الأساسية بوقف دائم للحرب وانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع.
من جهتها، تبدو الحكومة الإسرائيلية منقسمة. فبينما يؤكد المسؤولون الأمريكيون أن المقترح هو إسرائيلي بالأساس، لم يعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو موافقته عليه بشكل علني وصريح. وتواجه حكومته ضغوطًا شديدة من شركائه في الائتلاف اليميني المتطرف الذين يهددون بالانسحاب من الحكومة إذا تم وقف الحرب دون تحقيق هدف "القضاء على حماس".
أهمية الاتفاق والسياق العام
يأتي هذا المقترح في ظل استمرار الحرب التي اندلعت عقب هجوم حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، وما تلاه من عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق في غزة. وتكتسب هذه المبادرة أهميتها من كونها تحظى بدعم أمريكي قوي وغطاء دولي من خلال قرار مجلس الأمن، مما يزيد من الضغط على الطرفين للقبول بها. ويعلق المجتمع الدولي آمالًا كبيرة على نجاح هذه الجهود لإنهاء الكارثة الإنسانية في غزة، وإعادة الاستقرار إلى المنطقة، وفتح الباب أمام حل سياسي أوسع في المستقبل.



