تصريحات ترامب تثير التساؤلات حول مونديال 2026
في مطلع مايو 2024، تستمر النقاشات حول تداعيات تصريحات أدلى بها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في السابق بشأن استضافة بطولة كأس العالم 2026. على الرغم من أن الحدث الرياضي الأكبر في العالم تستعد لاستضافته كل من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك بشكل مشترك في صيف عام 2026، لا تزال تداعيات التدخلات السياسية خلال مرحلة تقديم العطاءات تثير التساؤلات حول التحديات المحتملة التي قد تواجه التعاون الدولي في مثل هذه الأحداث الضخمة.

الخلفية التاريخية لتصريحات ترامب
تعود جذور هذه التساؤلات إلى الفترة التي سبقت قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بمنح حق استضافة مونديال 2026. في عام 2018، كانت المنافسة حادة بين الملف المشترك لأمريكا الشمالية، المعروف باسم "الملف الموحد" (United Bid)، وملف آخر تقدمت به المملكة المغربية. في تلك الأثناء، برزت تصريحات الرئيس ترامب كعنصر مثير للجدل، حيث هدد ضمنيًا الدول التي قد لا تدعم الملف الأمريكي الشمالي.
ففي أبريل 2018، نشر ترامب تغريدة على منصة تويتر (المعروفة الآن باسم X) قال فيها: "لقد قدمت الولايات المتحدة عرضًا قويًا بالتعاون مع كندا والمكسيك لاستضافة كأس العالم 2026. سيكون من العار أن تقوم الدول التي ندعمها دائمًا بالضغط ضد العرض الأمريكي. لماذا يجب أن ندعم هذه الدول بينما لا تدعمنا؟". اعتبرت هذه التغريدة على نطاق واسع تهديدًا سياسيًا مباشرًا، ومحاولة للتأثير على تصويت الدول الأعضاء في الفيفا. وقد أثارت هذه التصريحات مخاوف بشأن انتهاك مبدأ استقلالية الرياضة عن السياسة، وهو أحد المبادئ الأساسية التي تلتزم بها الفيفا.
تداعيات التصريحات وردود الفعل
أدت تصريحات ترامب إلى موجة من ردود الفعل من قبل الأوساط الرياضية والدبلوماسية. فقد عبر العديد من مسؤولي الفيفا، بمن فيهم الرئيس جياني إنفانتينو آنذاك، عن رفضهم للتدخل السياسي في عملية اختيار المستضيفين، مؤكدين على أهمية بقاء الرياضة بعيدًا عن الضغوط السياسية. ورغم التنديد الواسع، لم تتخذ الفيفا أي إجراءات عقابية مباشرة ضد الولايات المتحدة بسبب هذه التصريحات، واستمرت عملية التصويت كالمعتاد.
في يونيو 2018، صوتت الدول الأعضاء في الفيفا لصالح الملف الموحد بأغلبية كبيرة، ليتم بذلك تأكيد استضافة الولايات المتحدة وكندا والمكسيك لمونديال 2026. ومع ذلك، فإن السابقة التي أحدثتها تصريحات ترامب لا تزال تلقي بظلالها على النقاشات الدائرة حول دور السياسة في الأحداث الرياضية الدولية. لقد ألقت تلك التصريحات الضوء على التحديات التي قد تواجه المنظمات الرياضية الكبرى في حماية استقلاليتها، خاصة عندما تكون مصالح الدول العظمى على المحك.
تكمن أهمية هذه التصريحات التاريخية في أنها تجسد توترًا مستمرًا بين الدبلوماسية الدولية والمصالح الوطنية، وكيف يمكن للخطاب السياسي أن يؤثر على التعاون في المشاريع المشتركة. بالنسبة لبطولة بحجم كأس العالم، التي تتطلب مستوى عالٍ من التنسيق بين الدول المضيفة، فإن أي شكوك حول الالتزام بالتعاون أو الحياد السياسي يمكن أن تكون محورية.
التحضيرات الحالية لمونديال 2026
في الوقت الراهن، تتركز الجهود على الاستعدادات اللوجستية والتنظيمية لمونديال 2026. تعمل المدن المضيفة، التي تم الإعلان عنها في كل من الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، بجد على تطوير البنى التحتية، وتأمين التمويل، ووضع الخطط التشغيلية اللازمة لاستضافة هذا الحدث غير المسبوق الذي سيضم 48 منتخبًا لأول مرة. وتُظهر هذه الجهود التزامًا قويًا من الدول الثلاث بنجاح البطولة، بغض النظر عن السياق السياسي الذي رافق مرحلة تقديم العطاءات.
تتضمن الاستعدادات الحالية تنسيقًا واسع النطاق بين الاتحادات الكروية في الدول الثلاث، بالإضافة إلى الحكومات المحلية والوطنية، لضمان تجربة سلسة للجماهير والمنتخبات المشاركة. ومع اقتراب موعد البطولة، تزداد أهمية التعاون بين الأطراف المختلفة لضمان سير الأمور على أكمل وجه. ومع ذلك، لا يمكن فصل الحدث تمامًا عن المشهد السياسي العالمي، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر 2024، والتي قد تعيد دونالد ترامب إلى سدة الحكم. في حال عودته، قد تبرز تساؤلات جديدة حول نهج إدارته تجاه التعاون الدولي، وتأثير ذلك على المناخ العام لاستضافة بطولة عالمية تتطلب وحدة الجهود.
في الختام، بينما تتجه الأنظار نحو التحضيرات الفنية واللوجستية لمونديال 2026، تبقى تصريحات الرئيس ترامب السابقة حول عملية تقديم العطاءات بمثابة تذكير بالتحديات التي قد تواجه الأحداث الرياضية العالمية في ظل التوترات الجيوسياسية. إن التوازن بين الاحتفال بالرياضة ووحدة الشعوب، وبين المصالح الوطنية والتدخلات السياسية، سيظل محور نقاش مع اقتراب موعد هذا الحدث الرياضي التاريخي.




