تصريحات ترامب تثير الجدل: تحذيرات لنتنياهو بشأن مستقبل الدعم الأمريكي
أثارت تصريحات حديثة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، خلال الأشهر الأخيرة، نقاشًا واسعًا حول مستقبل العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وطبيعة الدعم الأمريكي في حال عودته إلى البيت الأبيض. ورغم أن العلاقة بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وُصفت سابقًا بالتحالف الاستراتيجي القوي، إلا أن مؤشرات متزايدة تظهر وجود توترات وتحولات في موقف ترامب، لا سيما فيما يتعلق بالصراع في غزة وسياسات الحكومة الإسرائيلية الحالية.

خلفية العلاقة والتحالف السابق
خلال فترة رئاسته الأولى بين عامي 2017 و2021، قدم ترامب دعمًا غير مسبوق لحكومة نتنياهو. تميزت هذه الفترة بقرارات سياسية هامة عززت موقف اليمين في إسرائيل، ومن أبرزها:
- نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل.
- الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان.
- الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، وهو ما كان مطلبًا رئيسيًا لنتنياهو.
- رعاية "اتفاقيات أبراهام" التي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية.
كان هذا التحالف مبنيًا على تقارب شخصي وأيديولوجي واضح، حيث اعتبر نتنياهو أن إدارة ترامب هي الأكثر صداقة لإسرائيل في تاريخ الولايات المتحدة.
بذور التوتر والتحول في المواقف
بدأت العلاقة الشخصية بين الزعيمين في الفتور بعد الانتخابات الأمريكية عام 2020. وبحسب تقارير إعلامية، شعر ترامب بالخذلان عندما سارع نتنياهو لتهنئة جو بايدن بفوزه في الانتخابات، واعتبر ذلك خيانة شخصية. ومنذ ذلك الحين، بدأ ترامب في التعبير عن انتقاداته لنتنياهو بشكل متقطع.
تصاعدت هذه الانتقادات بشكل ملحوظ بعد هجوم السابع من أكتوبر 2023 والحرب التي تلتها في قطاع غزة. انتقد ترامب علنًا الاستعدادات الأمنية الإسرائيلية التي سبقت الهجوم، معتبرًا أن نتنياهو لم يكن مستعدًا. كما وجه نصائح لإسرائيل بضرورة إنهاء الحرب بسرعة، محذرًا من أن إسرائيل "تخسر حرب العلاقات العامة" وأن الصور القادمة من غزة تضر بموقفها الدولي بشكل كبير.
تحذيرات بشأن الدعم المستقبلي
تكمن أهمية تصريحات ترامب الأخيرة في أنها تشير إلى أن الدعم الأمريكي لإسرائيل قد لا يكون "شيكًا على بياض" في حال فوزه بالرئاسة مجددًا. فبدلاً من الدعم غير المشروط، يلمح ترامب إلى أن مواقفه ستكون مرتبطة بتحقيق نتائج سريعة وحاسمة وتجنب إطالة أمد الصراعات. وقد فُسرت دعوته لإنهاء الحرب بسرعة على أنها رسالة إلى نتنياهو بأن الصبر الأمريكي له حدود، وأن استمرار العمليات العسكرية بشكل واسع قد يؤدي إلى تآكل الدعم السياسي.
هذا الموقف يذكر بمواقف سابقة لإدارة ترامب، فبالرغم من الدعم الكبير، كانت هناك خطوط حمراء. على سبيل المثال، عندما طرحت حكومة نتنياهو خططًا لضم أجزاء من الضفة الغربية، ورد أن إدارة ترامب أبدت تحفظات خشية أن يقوض ذلك "صفقة القرن" التي طرحتها آنذاك ويزعزع استقرار المنطقة.
الأهمية والدلالات السياسية
تكتسب هذه التطورات أهمية بالغة لأنها تأتي في وقت حاسم بالنسبة لإسرائيل والمنطقة. فبينما يعتمد نتنياهو بشكل كبير على الدعم الأمريكي في حربه على غزة وفي مواجهة الضغوط الدولية، فإن تصريحات المرشح الجمهوري الأبرز تخلق حالة من عدم اليقين. تشير هذه الرسائل إلى أن إدارة ترامب الثانية قد تكون أكثر براغماتية وأقل انحيازًا أيديولوجيًا، مع التركيز على شعار "أمريكا أولاً" الذي قد يعني تقليل الانخراط في الصراعات الخارجية التي لا تخدم المصالح الأمريكية المباشرة. هذا التحول المحتمل يضع نتنياهو وحكومته أمام تحدي إعادة تقييم استراتيجياتهم على المدى الطويل، سواء فيما يتعلق بإنهاء الحرب في غزة أو إدارة العلاقات مع حليفهم الأهم.



