توترات بشأن معبر رفح: حماس تتهم إسرائيل بخرق اتفاق وقف إطلاق النار
شهدت الأيام الأخيرة تصاعدًا في التوتر بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وإسرائيل، على خلفية قرار إسرائيلي يتعلق بتشغيل معبر رفح البري، البوابة الرئيسية للقطاع على العالم الخارجي. وفي هذا السياق، اتهمت حركة حماس، التي تدير القطاع، حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بخرق بنود اتفاق وقف إطلاق النار الهش، الذي تم التوصل إليه بوساطة دولية. يثير هذا التطور مخاوف من تقويض التهدئة وزيادة تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة.

خلفية الأزمة وأهمية المعبر
يعتبر معبر رفح، الواقع على الحدود بين قطاع غزة ومصر، شريان حياة لأكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في القطاع المحاصر. على عكس المعابر الأخرى التي تسيطر عليها إسرائيل بشكل مباشر، يُدار معبر رفح من الجانبين الفلسطيني والمصري، لكن تشغيله يتأثر بشكل كبير بالتفاهمات الأمنية التي تشمل إسرائيل. تاريخيًا، كانت اتفاقيات وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، والتي غالبًا ما تتوسط فيها مصر وقطر والأمم المتحدة، تتضمن بنودًا غير مكتوبة أو تفاهمات تتعلق بتخفيف الحصار، بما في ذلك ضمان حركة الأفراد والبضائع عبر المعابر.
تكمن أهمية هذه التفاهمات في كونها تربط بين الهدوء الأمني على الحدود وتحسين الظروف المعيشية في غزة. فأي قرار بإغلاق المعبر أو تقييد الحركة فيه يُنظر إليه من قبل الفصائل الفلسطينية كانتهاك لهذه التفاهمات، مما يهدد استمرارية وقف إطلاق النار برمته.
التصعيد الأخير والتصريحات المتبادلة
أصدرت حركة حماس بيانًا رسميًا أدانت فيه قرار الحكومة الإسرائيلية بمنع إعادة فتح المعبر بشكل كامل، معتبرةً إياه "خرقًا واضحًا وصريحًا" لاتفاق التهدئة. وأكدت الحركة أن هذا الإجراء يعمق الأزمة الإنسانية ويشكل ضغطًا على سكان القطاع. وحذرت من أن "صبر المقاومة له حدود"، في إشارة إلى إمكانية الرد على ما وصفته بالانتهاكات الإسرائيلية.
من جانبها، لم تصدر الحكومة الإسرائيلية في كثير من الأحيان تعليقًا مباشرًا على اتهامات محددة بخرق اتفاقيات التهدئة غير الرسمية. ومع ذلك، عادة ما تبرر السلطات الإسرائيلية إجراءاتها الأمنية المشددة على المعابر، بما في ذلك القيود المفروضة على معبر رفح بالتنسيق مع مصر، بأنها ضرورية لمنع تهريب الأسلحة أو دخول عناصر تعتبرها "إرهابية". تربط إسرائيل عادةً أي تسهيلات لسكان غزة بالوضع الأمني العام وبالتقدم في ملفات أخرى، مثل قضية الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى حماس.
التداعيات الإنسانية والسياسية
يحمل إغلاق أو تقييد العمل في معبر رفح تداعيات وخيمة على مختلف الأصعدة. فعلى المستوى الإنساني، يؤدي القرار إلى تفاقم المعاناة اليومية لسكان غزة، حيث تتكدس الحالات التي تحتاج إلى علاج عاجل في الخارج، ويتعطل سفر الطلاب الدارسين في الجامعات الأجنبية، وينفصل أفراد العائلات عن بعضهم البعض.
- العالقون: الآلاف من المسافرين، بمن فيهم المرضى والطلاب وحاملو الإقامات الأجنبية، يصبحون عالقين على جانبي الحدود.
- المساعدات الإنسانية: قد يتأثر دخول المساعدات الطبية والغذائية الأساسية، مما يزيد من الضغط على النظام الصحي المنهك بالفعل في القطاع.
- الأثر الاقتصادي: يؤثر الإغلاق على الحركة التجارية المحدودة أصلاً، مما يفاقم من معدلات البطالة والفقر المرتفعة.
سياسيًا، يضع هذا القرار الوسطاء، وخاصة مصر، في موقف حرج، ويقوض مصداقية الجهود الدبلوماسية المبذولة للحفاظ على الهدوء. كما أنه يغذي خطاب الفصائل المسلحة بأن الخيار العسكري هو السبيل الوحيد لكسر الحصار، مما يزيد من احتمالية العودة إلى دوامة العنف.
الدور المصري والموقف الدولي
تلعب مصر دورًا محوريًا في قضية معبر رفح، حيث تسيطر على الجانب الآخر من الحدود. وتنسق القاهرة بشكل مستمر مع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني لإدارة المعبر، محاولةً الموازنة بين اعتباراتها الأمنية في سيناء والتزاماتها الإنسانية تجاه قطاع غزة. غالبًا ما تتدخل الدبلوماسية المصرية لاحتواء التوترات ومنع التصعيد العسكري. أما على الصعيد الدولي، فقد دعت منظمات حقوقية وهيئات تابعة للأمم المتحدة مرارًا إلى ضرورة فتح المعابر بشكل دائم لضمان حرية الحركة ووصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، مؤكدة أن العقاب الجماعي للسكان المدنيين يتعارض مع القانون الدولي.




