جدل حول فيديو إسرائيلي يزعم "فبركة" حماس لمشهد العثور على جثة رهينة
أثار الجيش الإسرائيلي جدلاً واسعاً في أوائل يونيو 2024 بعد نشره مقطع فيديو قال إنه يُظهر عناصر من حركة حماس وهم يقومون بـ"فبركة" وتصوير مشهد العثور على جثة أحد الرهائن الإسرائيليين في قطاع غزة. الفيديو، الذي تم تقديمه كدليل على ما وصفته إسرائيل بـ"التلاعب الإعلامي" من قبل حماس، يهدف إلى إظهار الحركة وهي تسعى لتصوير نفسها بشكل إنساني، بينما تتهمها إسرائيل بالمسؤولية عن مقتل الرهينة واحتجاز جثته.
تفاصيل الفيديو والادعاءات الإسرائيلية
وفقاً للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الأميرال دانيال هاغاري، تم العثور على الفيديو في كاميرا تخص أحد عناصر حماس الذين قُتلوا أو اعتُقلوا خلال عملية عسكرية إسرائيلية في غزة. يُظهر المقطع المصور، الذي يبدو أنه تم تحريره من قبل الجيش الإسرائيلي لعرض النقاط الرئيسية، مجموعة من المسلحين داخل نفق تحت الأرض. يظهر أحد المسلحين وهو يتلقى توجيهات من شخص خارج إطار الكاميرا حول كيفية التصرف وفتح كيس جثث أسود اللون للكشف عن الجثة بداخله.
يزعم الجيش الإسرائيلي أن اللقطات تكشف عن عملية "تمثيلية" منظمة، حيث يتم تصوير المشهد عدة مرات من زوايا مختلفة لضمان الحصول على اللقطة المثالية. ويشير التحليل الإسرائيلي إلى أن الهدف من هذا الإنتاج هو نشر الفيديو لاحقاً كجزء من حملة دعائية، تدّعي فيها حماس أنها عثرت على جثة الرهينة، ربما لتصوير الأمر على أنه اكتشاف إنساني أو لإلقاء اللوم على إسرائيل في مقتله. وقد تم التعرف على الرهينة على أنه رون بنيامين، الذي قُتل خلال هجوم السابع من أكتوبر وتم نقل جثته إلى غزة.
السياق وخلفية الحادثة
يأتي نشر هذا الفيديو في خضم حرب إعلامية ونفسية شرسة تدور بالتوازي مع العمليات العسكرية في قطاع غزة. كلا الطرفين، إسرائيل وحماس، يستخدمان وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي بشكل مكثف لتشكيل الرأي العام المحلي والدولي. تسعى إسرائيل من خلال مثل هذه المواد إلى تقويض مصداقية حماس وتصويرها كمنظمة إرهابية تستخدم الخداع، بينما تسعى حماس إلى إظهار عملياتها كأعمال مقاومة مشروعة وتسليط الضوء على المعاناة الإنسانية في غزة.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن في 18 مايو 2024 عن استعادة جثث ثلاث رهائن من غزة، من بينهم رون بنيامين. وقد تم نشر الفيديو المزعوم بعد أسابيع من هذا الإعلان الرسمي، مما يثير تساؤلات حول توقيت النشر وأهدافه الاستراتيجية. تعتبر قضية الرهائن ذات حساسية بالغة في المجتمع الإسرائيلي، وتشكل ضغطاً كبيراً على الحكومة لاتخاذ إجراءات لإعادتهم.
ردود الفعل والتحليلات
لم يصدر رد فعل رسمي ومباشر من حركة حماس على هذا الفيديو تحديداً. ومع ذلك، دأبت الحركة على نفي الاتهامات الإسرائيلية بشكل عام، معتبرة إياها جزءاً من "بروباغندا الاحتلال" التي تهدف إلى تشويه صورتها وصرف الانتباه عن الأفعال الإسرائيلية في غزة. عادة ما تؤكد الحركة أن عملياتها العسكرية والإعلامية تأتي في سياق "الدفاع عن النفس ومقاومة الاحتلال".
من جانبهم، تناول محللون وخبراء في الشؤون العسكرية والإعلامية الفيديو من زوايا مختلفة. يرى البعض أن المقطع قد يكون دليلاً قوياً على استخدام حماس لأساليب الدعاية المضللة. وفي المقابل، يشير آخرون إلى أن تصوير العمليات وإعادة تمثيل بعض المشاهد هو ممارسة شائعة لدى العديد من الجماعات المسلحة حول العالم لتوثيق أنشطتها، وأن التمييز بين "التوثيق" و"الفبركة" الكاملة قد يكون صعباً دون وجود سياق كامل وغير محرّر للمادة المصورة.
الأهمية والدلالات
تكمن أهمية هذه الحادثة في كونها تجسيداً واضحاً لطبيعة "حرب الروايات" في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. فهي تسلط الضوء على الصعوبة التي يواجهها الجمهور ووسائل الإعلام في التحقق من صحة المعلومات الصادرة عن أطراف النزاع. كل طرف يقدم روايته مدعومة بمواد بصرية تهدف إلى كسب التعاطف وتعبئة الدعم لقضيته.
كما يعكس هذا الحدث الأثر العميق للحرب النفسية على عائلات الرهائن والرأي العام. فبينما تسعى إسرائيل لإثبات "وحشية" خصمها، تزيد مثل هذه الأخبار من حالة القلق وعدم اليقين لدى أهالي المحتجزين. وفي النهاية، يبقى التحقق المستقل من مثل هذه الادعاءات أمراً شبه مستحيل في ظل القيود المفروضة على الوصول إلى مناطق النزاع، مما يترك الباب مفتوحاً أمام استمرار التراشق الإعلامي والدعائي.




