جدل في الولايات المتحدة حول سلامة لقاحات كوفيد-19 للأطفال بعد تقرير يربطها بوفيات
أثير نقاش واسع في الأوساط الصحية والعامة بالولايات المتحدة في أعقاب نشر تقارير ومذكرات صادرة عن جهات صحية رسمية في ولاية فلوريدا، والتي أشارت إلى وجود ارتباط محتمل بين لقاحات كوفيد-19 وعدد محدود من حالات الوفاة المسجلة بين الأطفال. وقد أدت هذه الادعاءات إلى تجدد الجدل حول سياسات تطعيم الأطفال، ودفعت السلطات الصحية الفيدرالية إلى التأكيد مجدداً على سلامة وفعالية اللقاحات المعتمدة.
خلفية الجدل ومصدر المعلومات
بدأت القصة مع إصدار إدارة الصحة في ولاية فلوريدا، بقيادة الجراح العام الدكتور جوزيف لابادو، تحليلات وتوصيات تشكك في ضرورة تطعيم الأطفال الأصحاء ضد فيروس كورونا. استندت هذه التحليلات بشكل أساسي إلى بيانات مأخوذة من نظام الإبلاغ عن الأحداث الضارة باللقاحات (VAERS)، وهو نظام مراقبة وطني تشرف عليه مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) وإدارة الغذاء والدواء (FDA). وأشارت المذكرة التي شارك في إعدادها مسؤولون طبيون، إلى تسجيل ما يقرب من 10 حالات وفاة لأطفال في الولايات المتحدة تم الإبلاغ عنها في النظام بعد تلقي اللقاح، مما أثار مخاوف بشأن سلامة اللقاحات لهذه الفئة العمرية. ومع ذلك، لم تقدم التقارير الأولية تفاصيل دقيقة حول أعمار الأطفال المعنيين، أو سجلاتهم الصحية السابقة، أو أنواع اللقاحات التي تلقوها، مما جعل التحقق من العلاقة السببية أمراً معقداً.
طبيعة نظام (VAERS) وقيوده
يعتبر فهم آلية عمل نظام (VAERS) أمراً محورياً لوضع هذه الادعاءات في سياقها الصحيح. فهذا النظام ليس سجلاً للحالات المؤكدة التي تسببت فيها اللقاحات، بل هو أداة للإنذار المبكر. من المهم معرفة النقاط التالية حوله:
- نظام إبلاغ طوعي: يمكن لأي شخص، بما في ذلك المرضى وأولياء الأمور ومقدمو الرعاية الصحية، تقديم تقرير عن أي حدث صحي يقع بعد التطعيم، بغض النظر عما إذا كان يُعتقد أنه مرتبط باللقاح أم لا.
- بيانات غير مُحققة: التقارير الموجودة في النظام لا يتم التحقق منها بشكل فوري لإثبات وجود علاقة سببية. فهي تمثل مجرد إشارة إلى وقوع حدث صحي بعد تلقي اللقاح، وليس دليلاً على أن اللقاح هو المسبب.
- أداة للمراقبة: يستخدم العلماء والباحثون هذه البيانات لتحديد أي أنماط غير عادية أو ارتفاع في تقارير معينة، مما قد يستدعي إجراء تحقيقات علمية أكثر تعمقاً لتأكيد أو نفي وجود صلة باللقاح.
لذلك، تحذر السلطات الصحية الفيدرالية باستمرار من استخدام بيانات (VAERS) وحدها لاستنتاج أن اللقاحات تسببت في أحداث ضارة محددة، بما في ذلك الوفاة.
موقف السلطات الصحية الفيدرالية
رداً على التقارير الصادرة من فلوريدا، أكدت كل من مراكز السيطرة على الأمراض (CDC) وإدارة الغذاء والدواء (FDA) على أن عمليات المراقبة المستمرة والشاملة لسلامة اللقاحات لم تجد أي دليل يثبت وجود علاقة سببية بين لقاحات كوفيد-19 وحالات الوفاة المبلغ عنها لدى الأطفال. وأوضحت هذه الهيئات أنها تأخذ جميع التقارير على محمل الجد وتقوم بمراجعة دقيقة لسجلات الوفاة والتشريح والبيانات السريرية لكل حالة يتم الإبلاغ عنها في نظام (VAERS). ووفقاً لبياناتها الصادرة خلال الفترة التي أعقبت طرح اللقاحات، فإن الفوائد المعروفة للقاحات كوفيد-19 في الوقاية من الأمراض الشديدة والاستشفاء والوفاة تفوق بكثير المخاطر المحتملة والنادرة جداً، مثل التهاب عضلة القلب.
الأهمية والسياق الأوسع
تكمن أهمية هذا الجدل في أنه يسلط الضوء على الانقسام في وجهات النظر بين بعض مسؤولي الصحة على مستوى الولايات والسلطات الفيدرالية بشأن إدارة جائحة كوفيد-19، خاصة فيما يتعلق بتطعيم الفئات الأصغر سناً. فبينما تواصل الهيئات الصحية الوطنية التوصية باللقاحات للأطفال المؤهلين بناءً على مراجعات شاملة للبيانات، تتبنى بعض الولايات مواقف أكثر تحفظاً، مما يخلق حالة من الارتباك لدى الجمهور. يعكس هذا النقاش التحديات المستمرة في توصيل المعلومات العلمية المعقدة للعامة، والتأثير الذي يمكن أن تحدثه التفسيرات المختلفة للبيانات الأولية على ثقة الجمهور في الصحة العامة واللقاحات.




