جولدمان ساكس: الذهب سينفجر صعودًا لهذا المستوى القياسي
توقع بنك الاستثمار العالمي جولدمان ساكس في تقارير حديثة له، صدرت خلال الأشهر القليلة الماضية من عام 2024، أن يشهد الذهب ارتفاعًا كبيرًا، وصفه بأنه "انفجار صعودي"، ليدفعه نحو مستويات قياسية جديدة لم يصل إليها من قبل. يأتي هذا التوقع في ظل بيئة اقتصادية وجيوسياسية عالمية معقدة، تعزز من جاذبية المعدن الأصفر كأحد أبرز أصول الملاذ الآمن للمستثمرين والبنوك المركزية على حد سواء.
تُشير توقعات جولدمان ساكس إلى أن سعر الأونصة قد يتجاوز مستويات تاريخية، مدفوعًا بعدة عوامل رئيسية تُسهم في تعزيز الطلب على الذهب وتقليل جاذبية الأصول الأخرى. وقد شهد الذهب بالفعل سلسلة من الارتفاعات القياسية في أوائل عام 2024، مدعومًا بالتطورات العالمية.
الخلفية الاقتصادية ومحركات الارتفاع
لطالما لعب الذهب دورًا محوريًا كأصل للملاذ الآمن خلال فترات عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي. يرى محللو جولدمان ساكس أن الظروف الحالية مهيأة تمامًا لدفع أسعار الذهب إلى آفاق جديدة. تتضمن المحركات الأساسية لهذا الارتفاع المتوقع ما يلي:
- طلب البنوك المركزية المستمر: تستمر البنوك المركزية حول العالم في زيادة احتياطياتها من الذهب بمعدلات قياسية، في محاولة لتنويع مقتنياتها وتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي. يعتبر هذا الطلب المؤسسي دعامة قوية لأسعار الذهب.
- التوترات الجيوسياسية المتصاعدة: تُساهم الصراعات المستمرة في مناطق مختلفة من العالم، مثل التوترات في الشرق الأوسط والحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى عدم اليقين السياسي في عام الانتخابات الرئاسية الأمريكية، في زيادة الطلب على الذهب كتحوط ضد المخاطر الجيوسياسية.
- توقعات خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي: مع توقعات بأن يبدأ البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في خفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من عام 2024، يصبح الذهب، الذي لا يدر عائدًا، أكثر جاذبية مقارنة بالأصول ذات العائد مثل السندات. انخفاض تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب يعزز من قيمته.
- ضعف محتمل للدولار الأمريكي: يرتبط سعر الذهب عادةً بعلاقة عكسية مع قوة الدولار الأمريكي. إذا ضعفت قيمة الدولار في ظل سياسات نقدية أكثر تساهلاً، يصبح الذهب أرخص لحاملي العملات الأخرى، مما يزيد من جاذبيته.
- التحوط ضد التضخم: على الرغم من جهود البنوك المركزية للسيطرة على التضخم، لا تزال هناك مخاوف من عودة الضغوط التضخمية. يُنظر إلى الذهب تقليديًا على أنه مخزن للقيمة وملاذ ضد تآكل القوة الشرائية للعملات.
التوقعات والمستويات المستهدفة
رفعت تقديرات جولدمان ساكس أسعارها المستهدفة للذهب عدة مرات خلال عام 2024. ففي تقارير سابقة، حددت البنك مستويات مثل 2300 دولار للأونصة، ثم رفعها لاحقًا لتتجاوز 2500 دولار، وبعض المحللين داخل البنك يتوقعون إمكانية وصوله إلى 2700 دولار للأونصة بحلول نهاية العام، أو حتى تجاوز هذه المستويات إذا ما تفاقمت الظروف المواتية لارتفاعه. هذا الانفجار الصعودي يعني أن الذهب لا يكتسب زخمًا فحسب، بل يتجه نحو قفزات نوعية في قيمته.
الذهب كأصل للملاذ الآمن في بيئة عدم اليقين
تعزز البيئة الحالية المليئة بعدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي من مكانة الذهب كأصل للملاذ الآمن. ففي أوقات الأزمات، يتجه المستثمرون بشكل طبيعي إلى الأصول التي يُنظر إليها على أنها تحتفظ بقيمتها، والذهب هو أحد هذه الأصول التقليدية. هذا التوجه لا يقتصر على المستثمرين الأفراد فحسب، بل يمتد ليشمل الصناديق الاستثمارية الكبرى والمؤسسات التي تسعى لتحقيق التوازن في محافظها.
تُظهر البيانات الحديثة تدفقات قوية لرؤوس الأموال إلى صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب (ETFs) والمنتجات الاستثمارية المرتبطة به، مما يعكس الثقة المتزايدة في أدائه المستقبلي. هذه التدفقات تزيد من ضغط الطلب على الذهب في الأسواق العالمية.
التأثيرات والآفاق المستقبلية
إن تحقيق الذهب لمستويات قياسية جديدة كما يتوقع جولدمان ساكس سيكون له تداعيات واسعة النطاق. بالنسبة للمستثمرين، يُعد هذا دافعًا لمراجعة تخصيصاتهم الاستثمارية وزيادة انكشافهم على الذهب. أما بالنسبة للاقتصاد العالمي، فقد يعكس استمرار ارتفاع أسعار الذهب مخاوف بشأن استقرار العملات الرئيسية، واستمرار التضخم، أو تفاقم المخاطر الجيوسياسية. كما قد يؤثر ذلك على أسواق السلع الأخرى، نظرًا لدور الذهب كمؤشر للصحة الاقتصادية العامة وثقة المستثمرين.
بالرغم من التوقعات المتفائلة، يظل سوق الذهب عرضة للتقلبات، ويمكن أن تتغير التوقعات بناءً على التطورات في السياسات النقدية العالمية، أو التحولات في المشهد الجيوسياسي، أو التغيرات المفاجئة في قيمة الدولار الأمريكي. ومع ذلك، تبقى النظرة العامة من جولدمان ساكس هي نظرة صعودية قوية للمعدن الثمين في المستقبل القريب.





