حماس تؤكد: تسليم جثامين الإسرائيليين لن يتم في صفقة واحدة
في تصريحات حديثة، أوضحت مصادر قيادية في حركة حماس أن أي عملية مستقبلية لتسليم جثامين المحتجزين الإسرائيليين لديها في قطاع غزة لن تتم ضمن صفقة واحدة وشاملة. ويأتي هذا التأكيد ليحدد معالم استراتيجية الحركة التفاوضية، والتي تربط إعادة الجثامين بعملية معقدة ومتعددة المراحل تهدف إلى تحقيق مطالبها الأساسية، وعلى رأسها إطلاق سراح عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.

خلفية القضية
تعود قضية المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس إلى سنوات، لكنها اكتسبت بعدًا أكثر تعقيدًا بعد هجوم السابع من أكتوبر 2023. قبل هذا التاريخ، كانت الحركة تحتجز جثامين الجنديين هدار غولدن وأورون شاؤول اللذين قُتلا في حرب عام 2014، بالإضافة إلى مدنيين اثنين دخلا القطاع في ظروف مختلفة. ومع أحداث أكتوبر، ارتفع عدد المحتجزين بشكل كبير، ويُعتقد أن عددًا منهم قد توفي وبقيت جثامينهم في غزة، مما زاد من ثقل هذا الملف.
تاريخيًا، استخدمت حماس ورقة المحتجزين، أحياءً وأمواتًا، كوسيلة ضغط رئيسية في مفاوضاتها مع إسرائيل. وتعتبر صفقة جلعاد شاليط عام 2011، التي تم بموجبها تحرير أكثر من ألف أسير فلسطيني مقابل جندي إسرائيلي واحد، سابقة مهمة تضع سقفًا مرتفعًا لتوقعات الحركة في أي اتفاق مستقبلي.
أبعاد الموقف الحالي
إن الإصرار على أن التسليم "لن يتم دفعة واحدة" يعني أن حماس ترفض التعامل مع ملف الجثامين كجزء من حزمة واحدة. وبدلاً من ذلك، تسعى إلى تجزئة أي اتفاق محتمل إلى مراحل، حيث ترتبط كل خطوة بمقابل محدد. يمكن أن تشمل هذه الاستراتيجية المراحل التالية:
- مرحلة أولية قد تتضمن الكشف عن معلومات حول مصير المحتجزين أو تسليم جثامين محددة مقابل الإفراج عن فئات معينة من الأسرى الفلسطينيين، كالنساء والأطفال والمرضى.
 - مراحل لاحقة تركز على تسليم الجنود والجثامين المتبقية مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين يقضون أحكامًا طويلة وتصنفهم إسرائيل ضمن "ذوي الأحكام العالية".
 - ربط العملية الشاملة بشروط سياسية أوسع، مثل وقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، وإنهاء الحصار.
 
تمنح هذه المقاربة حماس نفوذًا مستمرًا طوال فترة التفاوض، وتجعل من الصعب على إسرائيل تحقيق هدفها باستعادة جميع المحتجزين بسرعة. ويواصل الوسطاء، لا سيما مصر وقطر، جهودهم المكثفة لمحاولة بناء جسور بين مواقف الطرفين المتباعدة.
الأهمية والتداعيات
تكمن أهمية هذا الموقف في كشفه عن أحد أكبر العقبات أمام التوصل إلى اتفاق لإنهاء الأزمة الإنسانية للمحتجزين ووقف القتال. ففي حين يشكل ملف المحتجزين ضغطًا داخليًا هائلاً على الحكومة الإسرائيلية من قبل عائلاتهم والمجتمع، ترى حماس أن هذه هي الفرصة الأبرز لتحرير أسراها الذين تعتبرهم قضيتها المركزية.
إن التمسك باستراتيجية تفاوضية مجزأة يطيل أمد الأزمة ويزيد من تعقيدها، ويضع الحكومة الإسرائيلية أمام خيارات مؤلمة بين الاستجابة للضغوط الشعبية لإبرام صفقة، وبين رفض ما تعتبره شروطًا باهظة قد تؤثر على أمنها القومي على المدى الطويل. لذلك، سيبقى هذا الملف محورًا حاسمًا في تحديد مسار الصراع ومستقبله.




