حماس تؤكد: مسألة تسليم السلاح خارج إطار التفاوض
جددت حركة حماس تأكيدها على موقفها الثابت بأن نزع سلاح جناحها العسكري، كتائب عز الدين القسام، هو أمر غير قابل للنقاش أو التفاوض في أي محادثات حالية أو مستقبلية. ويأتي هذا التأكيد في وقت حاسم تتكثف فيه الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، وتتصاعد فيه النقاشات الدولية حول مستقبل إدارة القطاع بعد انتهاء الحرب.
خلفية الموقف الراسخ
لم يكن موقف حماس من سلاحها وليد اللحظة، بل هو جزء أساسي من عقيدتها السياسية والعسكرية منذ تأسيسها. تعتبر الحركة سلاحها أداة لـ"المقاومة" ضد الاحتلال الإسرائيلي، وترى فيه ضمانة لبقائها وتأثيرها السياسي. لطالما فصلت الحركة بين عملها السياسي كحزب يدير شؤون غزة (قبل الحرب الأخيرة) وبين جناحها العسكري الذي يعمل بشكل مستقل إلى حد كبير، وهو ما تعتبره حقاً مشروعاً للشعوب الواقعة تحت الاحتلال وفقاً لوجهة نظرها.
التصريحات الأخيرة في سياق الحرب
في تصريحات بارزة خلال شهري أبريل ومايو 2024، أوضح مسؤولون كبار في الحركة الأبعاد المختلفة لهذا الموقف. أشار القيادي البارز خليل الحية إلى أن حماس قد تكون مستعدة للتحول إلى حزب سياسي بحت ودمج مقاتليها في جيش وطني في حال تم تحقيق شرط جوهري، وهو إقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة كاملة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. يوضح هذا الطرح المشروط أن رفض نزع السلاح مرتبط بشكل مباشر باستمرار الوضع الراهن، وأنه قد يتغير فقط كجزء من تسوية سياسية شاملة ونهائية للصراع.
الأبعاد السياسية وتأثيرها على المفاوضات
يشكل ملف سلاح حماس العقبة الأكبر أمام أي حل سياسي دائم، حيث تضعه الأطراف المختلفة في صلب شروطها المتناقضة. بالنسبة لإسرائيل، فإن الهدف المعلن للحرب هو القضاء التام على قدرات حماس العسكرية والحكومية، وبالتالي فإن بقاء أي بنية عسكرية للحركة هو أمر مرفوض تماماً. أما بالنسبة للولايات المتحدة والدول الغربية، فإن أي خطة لـ"اليوم التالي" في غزة تتطلب وجود سلطة فلسطينية موحدة ومعترف بها دولياً تحتكر السلاح، وهو ما يتعارض مع وجود فصيل مسلح قوي مثل حماس.
- مطلب إسرائيلي أساسي: تعتبر إسرائيل نزع سلاح حماس شرطاً غير قابل للتفاوض لإنهاء الحرب وضمان أمنها المستقبلي.
 - رؤية السلطة الفلسطينية: تؤكد السلطة الفلسطينية في رام الله على مبدأ "سلطة واحدة، قانون واحد، وسلاح شرعي واحد" كركيزة لأي دولة فلسطينية مستقبلية.
 - ورقة ضغط لحماس: يمنح السلاح الحركة نفوذاً كبيراً على الساحة الفلسطينية الداخلية وفي المفاوضات الإقليمية، وتخشى من أن التخلي عنه سيجردها من أهم مصادر قوتها.
 
التحديات أمام مستقبل غزة
إن إصرار حماس على الاحتفاظ بسلاحها يعقد بشكل كبير الجهود التي تبذلها أطراف إقليمية، مثل مصر وقطر، للتوصل إلى اتفاق مستدام. فبينما تركز المفاوضات الحالية على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وإدخال المساعدات، يظل موضوع نزع السلاح قضية مؤجلة ولكنها حتمية. يرى محللون أن أي اتفاق لا يعالج هذه المسألة بشكل واضح سيبقى هشاً ومعرضاً للانهيار، حيث لا يمكن تصور استقرار طويل الأمد في غزة بوجود قوتين مسلحتين متنافستين على الساحة الفلسطينية. وفي الختام، يعكس هذا الموقف الفجوة العميقة بين رؤية حماس لنفسها كحركة تحرر وطني ورؤية إسرائيل والمجتمع الدولي لها كمنظمة يجب تفكيكها، مما يضمن استمرار هذه القضية كعقدة مركزية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.




