حماس تبدي استعداداً لمناقشة بنود في خطة ترامب وتنفي سعيها للانفراد بحكم غزة
في تصريحات لافتة صدرت في الفترة المحيطة بإعلان الإدارة الأمريكية عن خطتها للسلام في الشرق الأوسط مطلع عام 2020، والمعروفة إعلامياً بـ"صفقة القرن"، عبّرت حركة حماس عن موقف مركب يجمع بين الرفض المبدئي للخطة والتلميح إلى إمكانية مناقشة بعض جوانبها، مع تأكيدها مجدداً على عدم رغبتها في الانفراد بإدارة قطاع غزة.
خلفية الموقف من حكم غزة
منذ سيطرتها على قطاع غزة في عام 2007 عقب جولات من الاقتتال الداخلي مع حركة فتح، تواجه حماس واقعاً سياسياً وإنسانياً معقداً. ورغم أنها السلطة الحاكمة الفعلية في القطاع، إلا أن قادتها يصرحون باستمرار بأن الحركة لا تسعى إلى حكم غزة بشكل منفرد. تؤكد الحركة أن هدفها هو تحقيق المصالحة الوطنية وتشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل كافة أطياف الشعب الفلسطيني. وتأتي هذه التصريحات في سياق الحصار الإسرائيلي المصري المفروض على القطاع، والذي أدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وهو ما تستخدمه الحركة للتدليل على أن الحكم المنفرد ليس حلاً ولا هدفاً بحد ذاته، بل هو نتيجة للانقسام الفلسطيني وغياب التوافق الوطني.
موقف حذر تجاه "صفقة القرن"
عندما كشف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن خطته للسلام في يناير 2020، قوبلت برفض فلسطيني شبه إجماعي من قبل السلطة الفلسطينية في رام الله ومختلف الفصائل، بما فيها حماس. ارتكز الرفض على أن الخطة تتبنى الرواية الإسرائيلية في القضايا الجوهرية مثل القدس، واللاجئين، والحدود، والسيادة على المستوطنات. ومع ذلك، برزت تصريحات من بعض قيادات حماس تشير إلى أن الرفض الكامل للمبادرة لا يمنع النظر في بعض بنودها التي قد تحتاج إلى نقاش. هذا الموقف لا يعني قبولاً بالخطة، بل يمكن تفسيره على أنه محاولة لاستكشاف أي مكاسب يمكن تحقيقها لصالح قطاع غزة المحاصر. فسر محللون هذه الإشارات على أنها مناورة سياسية تهدف إلى إظهار الحركة كطرف براغماتي يمكن التعامل معه، خاصة فيما يتعلق بالقضايا العملية والإنسانية.
- الجوانب الاقتصادية: تضمنت الخطة وعوداً باستثمارات ضخمة في الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك مشاريع خاصة بغزة. قد تكون حماس أبدت استعداداً لمناقشة هذه الجوانب بمعزل عن الإطار السياسي للخطة.
- تخفيف الحصار: أي بند قد يؤدي إلى تخفيف الحصار أو فتح المعابر بشكل دائم كان سيحظى باهتمام من الحركة كونه يلامس الحياة اليومية لسكان القطاع.
- ترتيبات التهدئة: سعت الحركة دائماً إلى تثبيت تهدئة طويلة الأمد مع إسرائيل مقابل رفع الحصار، وقد تكون رأت في التحركات الدولية فرصة لطرح شروطها.
الأهمية والسياق الأوسع
تكمن أهمية هذه التصريحات المزدوجة في أنها تعكس استراتيجية حماس في التعامل مع الواقع السياسي المعقد. فمن ناحية، تحافظ على موقفها المبدئي الرافض للتسويات التي تعتبرها مجحفة بحق الفلسطينيين لتتماشى مع المزاج الشعبي العام. ومن ناحية أخرى، تترك الباب مفتوحاً أمام التعامل مع تفاصيل قد تحسن من الظروف المعيشية في غزة، وهو ما يعزز من موقفها كسلطة مسؤولة عن أكثر من مليوني فلسطيني. كما تعكس هذه المواقف التنافس المستمر مع السلطة الفلسطينية على تمثيل الشعب الفلسطيني، حيث تحاول حماس تقديم نفسها كبديل أكثر مرونة وقدرة على تحقيق إنجازات ملموسة، حتى وإن كانت محدودة.





