إسرائيل تشترط إعادة رفات الجندي هدار غولدين مقابل إجلاء مقاتلي حماس من رفح
كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية عن عرض قدمه مسؤول عسكري إسرائيلي رفيع المستوى، يربط فيه إمكانية السماح بإجلاء حوالي 200 من مقاتلي حركة حماس كانوا محاصرين في منطقة رفح، جنوب قطاع غزة، مقابل استعادة رفات الجندي الإسرائيلي هدار غولدين، الذي تحتجزه الحركة منذ حرب غزة عام 2014. ويسلط هذا العرض الضوء على التعقيدات المستمرة في ملف الأسرى والمفقودين، والذي يمثل إحدى القضايا الأكثر حساسية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

خلفية قضية الجندي هدار غولدين
تعود قضية الملازم في الجيش الإسرائيلي، هدار غولدين، إلى الأول من أغسطس 2014، خلال عملية «الجرف الصامد» التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة. قُتل غولدين في اشتباك بمدينة رفح بعد ساعات قليلة من بدء سريان هدنة إنسانية. أعلن الجيش الإسرائيلي مقتله وتصنيفه كـ«شهيد في معركة» يُحتجز رفاته في أيدي العدو. ومنذ ذلك الحين، يُعتقد أن حركة حماس تحتفظ برفاته، إلى جانب رفات جندي آخر هو أورون شاؤول، الذي قُتل في نفس الحرب.
بالإضافة إلى رفات الجنديين، تحتجز حماس مواطنين إسرائيليين اثنين، هما أفيرا منغيستو وهشام السيد، اللذان دخلا قطاع غزة طواعية في ظروف مختلفة، ويُعتقد أنهما على قيد الحياة. وتشكل هذه القضايا الأربع ملفاً رئيسياً تمارِس من خلاله عائلات المحتجزين ضغوطاً متواصلة على الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة للعمل على إعادتهم.
تفاصيل العرض وسياقه
وفقاً لما أوردته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن العرض جاء على لسان إيال زامير، الذي شغل مناصب عليا في الجيش الإسرائيلي. وتضمن المقترح دراسة إمكانية فتح ممر آمن لمقاتلي حماس المحاصرين في رفح للعودة إلى مناطق أخرى في غزة، كبادرة إنسانية مشروطة بتحقيق هدف استراتيجي لإسرائيل، وهو استعادة رفات غولدين. لم يتم تحديد الإطار الزمني الدقيق لهذا العرض، لكنه يعكس استراتيجية إسرائيلية متكررة لمحاولة ربط أي تسهيلات أو تحركات عسكرية في غزة بملف الجنود المفقودين.
تعتبر قضية استعادة الجنود، سواء كانوا أحياءً أم أمواتاً، ذات أهمية قصوى في المجتمع الإسرائيلي، وتستند إلى مبدأ أساسي في العقيدة العسكرية للجيش الإسرائيلي وهو «عدم ترك أي جندي في الميدان». وقد أدت هذه السياسة في الماضي إلى صفقات تبادل أسرى كبرى، أبرزها صفقة الجندي جلعاد شاليط عام 2011، التي تم بموجبها إطلاق سراح أكثر من 1000 أسير فلسطيني.
الأهمية والتداعيات المحتملة
يُظهر هذا المقترح الطبيعة المعقدة للمفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس، والتي غالباً ما تتم عبر وسطاء دوليين مثل مصر وقطر والأمم المتحدة. وتكمن أهمية هذا الخبر في كونه يكشف عن أحد أساليب التفاوض التي تستخدمها إسرائيل، حيث تحاول استغلال مواقف تكتيكية على الأرض لتحقيق مكاسب استراتيجية تتعلق بملف حساس سياسياً واجتماعياً.
من جانبها، ترفض حركة حماس عادةً ربط القضايا الإنسانية بملف الأسرى، وتصر على أن أي صفقة يجب أن تشمل إطلاق سراح أعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وخاصة من ذوي الأحكام العالية. وتنظر الحركة إلى رفات الجنديين والمدنيين المحتجزين لديها كورقة تفاوضية ثمينة تهدف من خلالها إلى تحقيق أكبر إنجاز ممكن في أي صفقة تبادل مستقبلية.
وحتى الآن، لم تفضِ الجهود المبذولة على مدى سنوات إلى تحقيق اختراق في هذا الملف، حيث يظل كل طرف متمسكاً بشروطه، مما يبقي القضية معلقة وتستمر في إلقاء ظلالها على أي محاولة للتوصل إلى تهدئة طويلة الأمد في قطاع غزة.




