حماس تسلم رفات محتجز إسرائيلي في تطور جديد لملف الأسرى بوساطة دولية
في تطور إنساني هام مساء يوم الإثنين، قامت حركة حماس بتسليم رفات محتجز إسرائيلي كان قد توفي في قطاع غزة. جرت عملية التسليم بوساطة دولية، شملت جهوداً من مصر وقطر، وتمت بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تسلمت الجثمان عند أحد المعابر الحدودية تمهيداً لنقله إلى إسرائيل لإجراءات التعرف والدفن الرسمية.

يأتي هذا الحدث في ظل استمرار الجمود الذي يكتنف مفاوضات التوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس، مما يمنحه أهمية خاصة على الرغم من كونه خطوة محدودة. وأكدت مصادر مطلعة أن العملية استغرقت عدة أيام من التنسيق الحساس لضمان إتمامها بنجاح.
تفاصيل عملية التسليم والسياق العام
تمت عملية التسليم في سرية نسبية حتى الإعلان عنها، حيث قامت جهات تابعة لحماس بتسليم الرفات إلى فريق من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والتي عملت كطرف محايد لتسهيل النقل. من المقرر أن يتم نقل الجثمان إلى معهد أبو كبير للطب الشرعي في إسرائيل للتحقق من هويته بشكل قاطع من خلال فحص الحمض النووي ومقارنته مع عينات من عائلته.
هذه الخطوة تأتي في سياق الأزمة التي بدأت بهجوم حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، والذي أسفر عن احتجاز ما يقدر بـ 250 شخصاً. ورغم الإفراج عن العشرات خلال هدنة مؤقتة في نوفمبر الماضي، لا يزال مصير أكثر من مئة محتجز مجهولاً، حيث تعتقد السلطات الإسرائيلية أن عدداً كبيراً منهم قد فارقوا الحياة.
ردود الفعل الأولية والتداعيات المحتملة
من المتوقع أن تصدر ردود فعل متباينة من الأطراف المعنية. في إسرائيل، من المرجح أن يرحب منتدى عائلات المحتجزين والمفقودين بالخطوة التي ستسمح لعائلة واحدة بدفن فقيدها، لكنهم في الوقت ذاته سيجددون الضغط على الحكومة الإسرائيلية للتوصل إلى صفقة شاملة لإعادة جميع المحتجزين، الأحياء منهم والأموات. ومن المتوقع أن يصدر الجيش الإسرائيلي بياناً رسمياً يؤكد فيه استلام الرفات ويعرب عن تعازيه للعائلة، مع التأكيد على استمرار الجهود العسكرية والدبلوماسية لإعادة الجميع.
على الجانب الفلسطيني، قد تصف حركة حماس هذه الخطوة بأنها بادرة إنسانية تمت استجابة لجهود الوسطاء، مع تحميل إسرائيل مسؤولية وفاة المحتجز نتيجة عملياتها العسكرية في القطاع، وهو ادعاء دأبت الحركة على تكراره في حالات مماثلة. من جانبهم، من المرجح أن يؤكد الوسطاء، مثل مصر وقطر، على أهمية الحفاظ على قنوات الاتصال واستمرار الجهود للتوصل إلى حلول إنسانية تخفف من معاناة جميع الأطراف.
الأهمية في ظل مفاوضات متعثرة
يكتسب هذا التطور أهمية خاصة لكونه يأتي في وقت وصلت فيه المفاوضات غير المباشرة إلى طريق مسدود. يرى بعض المحللين أن هذه الخطوة قد تكون محاولة من حماس لإظهار مرونة أو لإرسال رسالة بأنها لا تزال منفتحة على الحلول الإنسانية، بينما يراها آخرون مجرد خطوة معزولة لا تعكس أي تغيير استراتيجي في مواقف الطرفين. وتكمن أهمية الحدث في النقاط التالية:
- البعد الإنساني: توفر الخطوة إغلاقاً مأساوياً لعائلة المحتجز، وتلقي الضوء مجدداً على المصير المجهول لبقية المحتجزين.
 - التأثير على المفاوضات: قد تفتح هذه الخطوة، وإن كانت صغيرة، نافذة ضيقة لمزيد من التواصل عبر الوسطاء، أو قد لا يكون لها أي تأثير يذكر على المسار العام للمفاوضات المعقدة.
 - الضغط الداخلي: من المؤكد أن استعادة جثمان آخر ستزيد من حدة الضغط الشعبي والسياسي داخل إسرائيل على حكومة نتنياهو لإبرام صفقة، حتى لو كانت بشروط صعبة.
 
وفي الختام، بينما يمثل تسليم رفات المحتجز تطوراً مهماً على المستوى الإنساني، فإنه يظل نقطة في بحر أزمة كبرى لم تظهر لها نهاية واضحة بعد، حيث لا يزال مصير عشرات المحتجزين مجهولاً، وتستمر الحرب في غزة مخلّفة وراءها أزمة إنسانية كارثية.




