خامنئي يرد على مزاعم ترامب بشأن استهداف مواقع نووية إيرانية
في تصعيد للحرب الكلامية بين طهران وواشنطن خلال شهر أكتوبر 2019، رد المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، بلهجة تحدٍ على تصريحات للرئيس الأمريكي آنذاك، دونالد ترامب، ألمح فيها إلى أن الولايات المتحدة كانت قد استهدفت أو كانت على وشك استهداف منشآت نووية إيرانية. جاء رد خامنئي حاسماً وموجهاً ليس فقط للداخل الإيراني بل للمجتمع الدولي، حيث سعى إلى التقليل من شأن التهديدات الأمريكية وتصويرها على أنها مجرد ادعاءات فارغة.

تصريحات ترامب التي أشعلت الموقف
كانت الشرارة التي أدت إلى رد خامنئي هي تصريحات أدلى بها الرئيس دونالد ترامب، تفاخر فيها بالقوة العسكرية الأمريكية. وفي سياق حديثه عن التوترات مع إيران، أشار ترامب إلى أنه أوقف ضربة عسكرية ضد إيران في يونيو 2019 قبل دقائق من تنفيذها، والتي كانت رداً على إسقاط طهران طائرة استطلاع أمريكية مسيرة. إلا أن لهجة ترامب حملت تفاخراً بقدرة بلاده على تدمير أهداف إيرانية، وهو ما فُسّر في طهران على أنه محاولة لفرض واقع نفسي وسياسي يظهر إيران بموقف الضعيف الذي تم ردعه.
الرد الإيراني: "من أنتم؟"
جاء رد المرشد الإيراني خلال كلمة ألقاها أمام خريجي الكليات العسكرية في طهران. استخدم خامنئي عبارة استنكارية هي "من أنتم؟" للتقليل من أهمية وقدرة الولايات المتحدة على إلحاق ضرر كبير بإيران. لم يكن الرد نفياً تقنياً بقدر ما كان رسالة سياسية تهدف إلى إظهار أن القيادة الإيرانية لا تأخذ التهديدات الأمريكية على محمل الجد. وأكد خامنئي أن الولايات المتحدة "تطلق أكاذيب مبالغاً فيها" لإخفاء عجزها، وأن قرار ترامب بإلغاء الضربة لم يكن بادرة إنسانية، بل كان نتيجة حسابات أظهرت أن أي هجوم على إيران ستكون له عواقب وخيمة على المصالح الأمريكية في المنطقة.
خلفية التوترات المتصاعدة
أتت هذه المواجهة الكلامية في ذروة التوتر بين البلدين، والتي بدأت تتصاعد بشكل حاد بعد قرار الرئيس ترامب بالانسحاب أحادي الجانب من الاتفاق النووي الإيراني (خطة العمل الشاملة المشتركة) في عام 2018، وإعادة فرض عقوبات اقتصادية قاسية ضمن حملة "الضغط الأقصى". وقد شهد عام 2019 سلسلة من الحوادث الخطيرة التي كادت أن تشعل حرباً إقليمية، ومن أبرزها:
- يونيو 2019: إسقاط الحرس الثوري الإيراني طائرة استطلاع أمريكية من طراز "غلوبال هوك" فوق مضيق هرمز، مما دفع ترامب إلى الأمر بضربة عسكرية قبل أن يتراجع في اللحظات الأخيرة.
- سبتمبر 2019: تعرض منشأتي نفط تابعتين لشركة أرامكو السعودية لهجمات دقيقة، واتهمت الولايات المتحدة والسعودية إيران بالوقوف وراءها، وهو ما نفته طهران.
الأهمية والدلالات السياسية
تكمن أهمية هذا التبادل الكلامي في كونه جزءاً من حرب نفسية وإعلامية أوسع بين طهران وواشنطن. فمن خلال تصريحاته، سعى خامنئي إلى تحقيق عدة أهداف؛ أولها طمأنة الداخل الإيراني وتعزيز معنويات القوات المسلحة، وثانيها إرسال رسالة ردع إلى الولايات المتحدة وحلفائها مفادها أن إيران لن تخضع للتهديدات. من ناحية أخرى، كانت تصريحات ترامب تهدف إلى إبراز القوة الأمريكية وتأكيد فعالية سياسة "الضغط الأقصى"، مع محاولة الحفاظ على خطابه الموجه لناخبيه بأنه رئيس قوي لكنه يتجنب الدخول في حروب جديدة. عكس هذا السجال حالة من انعدام الثقة العميق وسياسة حافة الهاوية التي ميزت العلاقات بين البلدين خلال تلك الفترة.





