رئيس الإكوادور ينجو من هجوم استهدف موكبه وسط احتجاجات على أسعار الوقود
أكدت الحكومة الإكوادورية نجاة الرئيس دانيال نوبوا من هجوم استهدف موكبه الرئاسي في مدينة بويو، عاصمة مقاطعة باستازا الأمازونية. وقع الحادث في الساعات الأخيرة وسط تصاعد التوترات والاحتجاجات الشعبية التي تشهدها البلاد، وذلك على خلفية قرار الحكومة الأخير بإلغاء دعم الوقود، وهي خطوة أثارت استياءً واسعاً في الشارع الإكوادوري.

تفاصيل الواقعة ورد الحكومة
وفقاً للبيانات الرسمية الصادرة عن الرئاسة ووزارة الداخلية، تعرض الموكب الرئاسي لهجوم أثناء زيارة الرئيس نوبوا لمدينة بويو لتسليم قروض إسكانية. وأوضحت السلطات أن مجموعة من المتظاهرين قامت بإلقاء الحجارة وأجسام أخرى على المركبات التي كانت تقل الرئيس والوفد المرافق له. وعلى الرغم من تضارب التقارير الأولية حول استخدام أسلحة نارية، إلا أن الحكومة وصفت الحادث بأنه عمل عنيف ومنظم يهدف إلى زعزعة الاستقرار. وقد تم تفعيل البروتوكولات الأمنية على الفور لضمان سلامة الرئيس، الذي لم يصب بأذى وتمكن من مغادرة المنطقة بأمان.
خلفية الأزمة: إلغاء دعم الوقود
يأتي هذا الهجوم في سياق سياسي واقتصادي مشحون للغاية. ففي أواخر شهر يونيو الماضي، اتخذت إدارة الرئيس نوبوا قراراً جريئاً بإنهاء عقود من دعم أسعار البنزين والديزل، وهي سياسة كانت تكلف الدولة مليارات الدولارات سنوياً. وقد بررت الحكومة هذه الخطوة بأنها ضرورية لتحقيق الاستقرار المالي في البلاد، وتقليص العجز في الميزانية، وتوجيه الموارد نحو قطاعات حيوية أخرى مثل الصحة والتعليم، فضلاً عن كونها شرطاً أساسياً ضمن اتفاقية قرض مع صندوق النقد الدولي. أدى هذا القرار إلى ارتفاع فوري في أسعار الوقود، مما أثر بشكل مباشر على تكاليف النقل والسلع الأساسية، وأثار غضب قطاعات واسعة من المجتمع، لا سيما سائقي النقل العام، والمزارعين، ومنظمات السكان الأصليين التي قادت احتجاجات ضخمة في الماضي لأسباب مماثلة.
السياق الأمني العام في الإكوادور
لا يمكن فصل هذا الحادث عن الأزمة الأمنية العميقة التي تعصف بالإكوادور منذ سنوات. فقد تحولت البلاد إلى نقطة عبور رئيسية لتهريب المخدرات، مما أدى إلى تصاعد نفوذ العصابات الإجرامية المرتبطة بالكارتيلات الدولية. وفي وقت سابق من هذا العام، أعلن الرئيس دانيال نوبوا حالة "الصراع المسلح الداخلي"، مانحاً الجيش صلاحيات واسعة لمكافحة عشرات الجماعات الإجرامية التي صنفها كمنظمات إرهابية. وتأتي هذه السياسة الصارمة في أعقاب موجة غير مسبوقة من العنف، شملت اغتيالات سياسية، وأعمال شغب في السجون، وهجمات إرهابية أثارت الرعب في المدن الكبرى. وبالتالي، فإن أي هجوم على رئيس الدولة، حتى لو كان في سياق احتجاج اجتماعي، يكتسب أبعاداً خطيرة ويثير مخاوف من استغلال الفوضى من قبل هذه الجماعات الإجرامية.
الأهمية والتداعيات المحتملة
تكمن أهمية هذا الخبر في كونه يجسد التحديات المزدوجة التي تواجه الرئيس نوبوا وحكومته: تحقيق توازن صعب بين الإصلاحات الاقتصادية غير الشعبية والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي، وفي الوقت نفسه، خوض حرب شرسة ضد الجريمة المنظمة. ويسلط الحادث الضوء على النقاط التالية:
- هشاشة الوضع الأمني: يُظهر الهجوم على أعلى سلطة في الدولة أن الوضع الأمني لا يزال متقلباً، وأن التهديدات لا تقتصر على العصابات فحسب، بل تشمل أيضاً الاضطرابات الاجتماعية.
- الاستقطاب السياسي: من المرجح أن يؤدي الحادث إلى زيادة الاستقطاب بين الحكومة التي تصر على ضرورة إجراءاتها، والمعارضة والقوى الاجتماعية التي تعتبر هذه الإجراءات هجوماً على الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
- اختبار لإرادة الحكومة: يُعتبر هذا الهجوم اختباراً لقدرة حكومة نوبوا على المضي قدماً في خططها الاقتصادية والأمنية في وجه المقاومة الشعبية والتهديدات الأمنية.
في الختام، بينما نجا الرئيس نوبوا جسدياً من الهجوم، فإن الحادثة تعد مؤشراً قوياً على أن الإكوادور تقف على أرض سياسية واجتماعية هشة، حيث يمكن لأي شرارة أن تشعل صراعاً أوسع نطاقاً، مما يجعل المرحلة المقبلة حاسمة في تحديد مسار مستقبل البلاد.





