وزير التموين يوضح موقف الخبز المدعم عقب تعديل أسعار الوقود
أكد الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، مؤخراً، أن سعر رغيف الخبز البلدي المدعم سيظل ثابتاً عند 20 قرشاً على بطاقات التموين، وذلك رغم القرارات الأخيرة بتحريك أسعار السولار. ويأتي هذا التأكيد ليطمئن ملايين المواطنين المصريين الذين يعتمدون بشكل أساسي على الخبز المدعم كعنصر غذائي رئيسي، ويؤكد على استمرار دعم الدولة لهذا المنتج الحيوي في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة.
الخلفية والأهمية الاستراتيجية للخبز المدعم
يمثل الخبز المدعم حجر الزاوية في منظومة الأمن الغذائي والاجتماعي في مصر، حيث يستفيد منه ما يقرب من 72 مليون مواطن عبر منظومة بطاقات التموين. لطالما كان رغيف الخبز البلدي، بسعره الرمزي البالغ 20 قرشاً، خطاً أحمر في السياسات الحكومية، نظراً لحساسيته الاجتماعية البالغة. هذا السعر لا يمثل بأي حال التكلفة الحقيقية لإنتاجه، إذ تتحمل الدولة الفارق الكبير بين سعر البيع للمواطن وتكلفة الإنتاج الفعلية، التي تشمل أسعار القمح، تكاليف الطحن، أجور العمالة، وأخيراً، وليس آخراً، تكاليف الطاقة والمواصلات.
تاريخياً، شهدت مصر اضطرابات اجتماعية كبرى عندما تم المساس بسعر الخبز المدعم، مما جعل الحكومات المتعاقبة تولي هذا الملف أهمية قصوى. ويعد دعم الخبز إحدى أكبر بنود الدعم في الموازنة العامة للدولة، مما يعكس التزام الحكومة بتوفير حد أدنى من العيش الكريم لمواطنيها، خصوصاً الأسر الأكثر احتياجاً.
تعديلات أسعار الوقود وتأثيرها على منظومة الإنتاج
جاء تأكيد وزير التموين في أعقاب قرار لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية، والذي صدر خلال الفترة الماضية، برفع سعر السولار. يعد السولار وقوداً حيوياً للعديد من القطاعات الاقتصادية، وعلى رأسها قطاع النقل والمواصلات، بالإضافة إلى استخدامه في تشغيل المخابز البلدية والمطاحن. هذا الارتفاع يؤثر بشكل مباشر على:
- تكاليف نقل القمح والدقيق: من الموانئ والصوامع إلى المطاحن ثم إلى المخابز.
 - تكاليف تشغيل المخابز: السولار يستخدم في أفران بعض المخابز وفي الآلات المساندة، بالإضافة إلى تكلفة نقل الخبز الجاهز للمنافذ.
 - التكاليف العامة للتشغيل: ارتفاع أسعار الوقود غالباً ما يؤدي إلى زيادة عامة في تكاليف الخدمات والسلع المرتبطة.
 
هذه الزيادة في تكاليف المدخلات كان من شأنها أن تثير قلقاً واسعاً بين المواطنين حيال احتمالية انعكاسها على سعر الخبز المدعم، لولا التدخل الحكومي الحاسم.
التأكيد الحكومي وتحمل الأعباء الإضافية
في استجابة فورية لهذه المخاوف، جاء تصريح الوزير المصيلحي ليؤكد أن الدولة ستتحمل كامل الزيادة في تكاليف إنتاج الخبز المدعم الناتجة عن ارتفاع أسعار السولار. ويعني هذا أن أصحاب المخابز البلدية لن يتحملوا هذا العبء، بل ستقوم وزارة التموين بتعويضهم عن الفارق في التكاليف التشغيلية. هذا الإجراء يهدف إلى ضمان استمرارية عمل المخابز بكفاءة، دون أن يؤثر ذلك على جودة المنتج أو سعره للمستهلك النهائي. وتعتبر هذه الخطوة ضرورية للحفاظ على استقرار السوق وتجنب أي نقص محتمل في المعروض من الخبز المدعم.
تعتمد آلية تعويض المخابز على احتساب التكلفة الفعلية لرغيف الخبز الجديد بعد زيادات السولار، ومن ثم تسديد الفارق للمخابز، بالإضافة إلى هامش الربح المخصص لها. هذه المنظومة تضمن تحقيق التوازن بين مصلحة المستهلك والمخبز والدولة.
الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للقرار
يمتد تأثير قرار تثبيت سعر الخبز المدعم إلى أبعاد اقتصادية واجتماعية أوسع:
- دعم القوة الشرائية: يساعد تثبيت سعر السلعة الأكثر استهلاكاً على حماية القوة الشرائية للمواطنين، خصوصاً الفئات محدودة الدخل، من التآكل بسبب التضخم.
 - استقرار الأسواق: يساهم القرار في امتصاص جزء من الصدمات التضخمية الناتجة عن ارتفاع أسعار الطاقة، مما يقلل من الضغط على أسعار سلع أخرى.
 - الحفاظ على السلم الاجتماعي: يعزز هذا الإجراء الثقة في قدرة الدولة على حماية مواطنيها من تقلبات الأسواق العالمية والمحلية، ويقلل من احتمالات الاحتجاجات الاجتماعية.
 - تكلفة الموازنة العامة: ورغم أهميته الاجتماعية، يشكل هذا الدعم عبئاً مالياً كبيراً على الموازنة العامة للدولة، خاصة في ظل ارتفاع أسعار القمح عالمياً وتكاليف الشحن. تسعى الحكومة باستمرار إلى مراجعة وتطوير منظومة الدعم لضمان وصوله لمستحقيه بكفاءة أكبر.
 
آفاق مستقبلية
تؤكد هذه القرارات على استمرار التزام الدولة المصرية بمنظومة الدعم الاجتماعي للسلع الأساسية، رغم برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل الذي تتبناه. وفي الوقت ذاته، تظل الحكومة تسعى لإيجاد حلول مبتكرة لترشيد الإنفاق على الدعم وتحقيق أقصى استفادة منه، مع الحفاظ على الشبكة الاجتماعية القوية التي تحمي الفئات الأكثر ضعفاً. إن استقرار سعر الخبز المدعم يظل أولوية قصوى، مما يعكس تفهم الدولة لأهمية هذا الملف في حياة كل مواطن.





