روسيا تجري تدريبات لقواتها النووية الاستراتيجية بإشراف مباشر من بوتين
أعلنت وزارة الدفاع الروسية في أواخر شهر أكتوبر 2023 عن تنفيذها بنجاح تدريبات واسعة النطاق لقوات الردع النووي الاستراتيجية، والتي جرت تحت الإشراف المباشر للرئيس فلاديمير بوتين. تهدف هذه المناورات، التي تعد جزءًا من التدريبات السنوية المخطط لها، إلى اختبار جاهزية وكفاءة منظومة القيادة والسيطرة والقوات والوسائل النووية وغير النووية في البلاد، والتأكد من قدرتها على توجيه ضربة نووية انتقامية هائلة ردًا على أي هجوم محتمل.
تفاصيل المناورات وعناصر الثالوث النووي
شملت التدريبات الأركان الثلاثة لما يُعرف بـ"الثالوث النووي" الروسي، وهو ما يضمن قدرة البلاد على الرد من منصات برية وبحرية وجوية. وقد تم تنفيذ سلسلة من عمليات الإطلاق الفعلية للصواريخ الباليستية والمجنحة كجزء من السيناريو التدريبي. وتضمنت أبرز الأنشطة ما يلي:
- الإطلاق البري: تم إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات من طراز "يارس" (RS-24 Yars) من قاعدة بليسيتسك الفضائية في شمال غرب روسيا. وقد أصاب الصاروخ هدفه المحدد بدقة في ميدان الرماية "كورا" في شبه جزيرة كامتشاتكا في أقصى شرق البلاد.
- الإطلاق البحري: قامت الغواصة النووية الاستراتيجية "تولا" التابعة للأسطول الشمالي بإطلاق صاروخ باليستي من طراز "سينيفا" (Sineva) من موقعها تحت سطح الماء في بحر بارنتس.
- الإطلاق الجوي: شاركت قاذفات استراتيجية بعيدة المدى من طراز "توبوليف-95 إم إس" (Tu-95MS) في المناورات، حيث أطلقت صواريخ كروز مجنحة جو-أرض على أهداف في ميدان "بيمبوي" للرماية في منطقة كومي.
وأكد الكرملين أن جميع المهام التي تم تحديدها خلال التدريب قد أُنجزت بالكامل، وأن جميع الصواريخ وصلت إلى أهدافها بنجاح، مما يثبت موثوقية الأسلحة الاستراتيجية الروسية.
السياق والأهمية الاستراتيجية
تأتي هذه التدريبات في وقت تتصاعد فيه التوترات الجيوسياسية بين روسيا والدول الغربية، لا سيما في ظل استمرار الصراع في أوكرانيا. وعلى الرغم من أن وزارة الدفاع الروسية تؤكد أن هذه المناورات روتينية ومخطط لها مسبقًا، إلا أن توقيتها ومراقبة بوتين المباشرة لها يحملان رسائل ردع واضحة. يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها استعراض للقوة وتأكيد على أن الترسانة النووية الروسية لا تزال تشكل حجر الزاوية في عقيدتها الدفاعية.
وقد اكتسبت هذه التدريبات أهمية إضافية لتزامنها مع الإجراءات التشريعية التي اتخذتها روسيا للانسحاب من تصديقها على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية (CTBT). هذا التطور أثار قلقًا دوليًا بشأن مستقبل معاهدات الحد من التسلح، حيث اعتبره العديد من المحللين خطوة قد تمهد الطريق أمام استئناف التجارب النووية لأول مرة منذ عقود.
قدرات الردع الروسية
تمثل هذه المناورات اختبارًا عمليًا لكامل سلسلة القيادة والتحكم في القوات النووية، بدءًا من تلقي الأوامر من القيادة العليا في الكرملين، مرورًا بنقلها عبر الشبكات العسكرية المؤمنة، وصولًا إلى أطقم الإطلاق في المنصات البرية والبحرية والجوية. الهدف هو ضمان قدرة المنظومة على العمل بسلاسة وفعالية تحت أي ظرف من الظروف. إن نجاح هذه التدريبات يعزز ثقة القيادة الروسية في قدرات الردع التي تمتلكها، والتي تعتبرها الضمانة الأساسية لسيادة البلاد وأمنها القومي في مواجهة ما تصفه بالتهديدات الخارجية المتزايدة.




