فنزويلا تعلن استكمال خطتها الدفاعية في ظل تصاعد التوتر مع واشنطن
في خطوة عكست عمق الأزمة بين كاراكاس وواشنطن، أعلنت فنزويلا في أوائل أبريل 2020 عن اكتمال خطتها الدفاعية وتأهب قواتها المسلحة لمواجهة ما وصفته بـ "التهديدات الأمريكية". جاء هذا الإعلان كرد فعل مباشر على قرار الولايات المتحدة بنشر سفن حربية إضافية في منطقة البحر الكاريبي، في واحدة من أكبر عمليات الانتشار العسكري الأمريكية في المنطقة منذ عقود.

خلفية التوترات المتصاعدة
لم يكن هذا التصعيد وليد اللحظة، بل جاء تتويجًا لسنوات من العلاقات المتدهورة بين البلدين. فمنذ وصول الرئيس نيكولاس مادورو إلى السلطة، فرضت الولايات المتحدة سلسلة من العقوبات الاقتصادية الصارمة على فنزويلا، استهدفت قطاع النفط الحيوي ومسؤولين حكوميين كبار. وقد زادت حدة التوتر بشكل كبير بعد أن اعترفت واشنطن بزعيم المعارضة خوان غوايدو رئيسًا مؤقتًا للبلاد في عام 2019.
وقبل أيام قليلة من الإعلان الفنزويلي، اتخذت إدارة الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب خطوة غير مسبوقة، حيث وجهت وزارة العدل الأمريكية اتهامات رسمية للرئيس مادورو وعدد من كبار المسؤولين الفنزويليين بـ "الإرهاب المخدراتي"، وعرضت مكافأة قدرها 15 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقاله. وقد شكل هذا الاتهام أساسًا منطقيًا للخطوة العسكرية الأمريكية التالية.
الانتشار العسكري الأمريكي وأهدافه المعلنة
أعلن الرئيس ترامب بنفسه عن إطلاق عملية معززة لمكافحة المخدرات في نصف الكرة الغربي، مشيرًا إلى أن الهدف هو منع "الجهات الفاعلة الخبيثة" من استغلال جائحة فيروس كورونا. تضمنت العملية مضاعفة الأصول العسكرية الأمريكية في منطقة مسؤولية القيادة الجنوبية، وشملت نشر مدمرات بحرية، وسفن قتالية ساحلية، وطائرات استطلاع متقدمة بالقرب من السواحل الفنزويلية.
على الرغم من أن الهدف الرسمي للعملية كان مكافحة تهريب المخدرات، فإن توقيتها وحجمها أثارا شكوكًا واسعة حول وجود دوافع سياسية. اعتبر العديد من المحللين أن العملية كانت تهدف إلى ممارسة أقصى درجات الضغط على حكومة مادورو، وربما قطع طرق الإمداد غير المشروعة التي يُعتقد أنها تشكل مصدر دخل مهم للنظام في ظل العقوبات.
رد الفعل الفنزويلي
وصفت الحكومة الفنزويلية التحرك الأمريكي بأنه "عدوان" و"استفزاز" يهدف إلى خلق ذريعة لتدخل عسكري. ردًا على ذلك، أمر الرئيس مادورو بتفعيل "الدرع البوليفاري"، وهو الاسم الذي يطلق على المناورات والخطط الدفاعية للجيش الفنزويلي. وفي خطاب متلفز، أكد مادورو أن "خطة الدفاع الوطني باتت مكتملة تمامًا" وأن القوات المسلحة الوطنية البوليفارية في حالة تأهب قصوى.
شملت الإجراءات الفنزويلية ما يلي:
- نشر أنظمة صواريخ مضادة للطائرات على طول الساحل لردع أي انتهاك للمجال الجوي.
 - تعبئة وحدات من القوات المسلحة النظامية، بالإضافة إلى "الميليشيا البوليفارية"، وهي قوة مدنية مسلحة موالية للحكومة.
 - تكثيف الدوريات البحرية والجوية لمراقبة التحركات الأمريكية في المياه الدولية القريبة.
 
أكد وزير الدفاع الفنزويلي، فلاديمير بادرينو لوبيز، أن القوات المسلحة مستعدة للدفاع عن سيادة البلاد ضد أي تهديد، معتبرًا أن الاتهامات الأمريكية بالإرهاب المخدراتي هي مجرد "افتراءات" لتبرير العدوان.
الأهمية والتداعيات
شكل هذا الموقف المواجهة العسكرية الأكثر خطورة بين الولايات المتحدة وفنزويلا منذ سنوات، مما أثار مخاوف من احتمال حدوث احتكاك أو سوء تقدير قد يؤدي إلى نزاع مسلح في منطقة البحر الكاريبي. بالنسبة لحكومة مادورو، وفر التصعيد فرصة لحشد الدعم الداخلي وتصوير نفسه كمدافع عن السيادة الوطنية في مواجهة "الإمبريالية الأمريكية"، وهو خطاب يلقى صدى لدى قاعدته الشعبية. كما ساهم في صرف الانتباه مؤقتًا عن الأزمات الداخلية الحادة التي تعاني منها البلاد، من الانهيار الاقتصادي إلى نقص الغذاء والدواء وتداعيات جائحة كورونا. وعلى الجانب الآخر، أظهرت الخطوة الأمريكية إصرار إدارة ترامب على سياسة "الضغط الأقصى" لإزاحة مادورو عن السلطة، حتى لو كان ذلك ينطوي على مخاطر عسكرية.





