قرار حظر السكوتر الكهربائي في القاهرة والجيزة: دوافع السلامة تثير جدلاً مجتمعياً
أثار قرار السلطات المصرية بفرض حظر على استخدام السكوتر الكهربائي في شوارع محافظتي القاهرة والجيزة جدلاً واسعاً خلال الأشهر القليلة الماضية، وذلك في خطوة تهدف إلى حماية أرواح المواطنين والحد من الحوادث المرورية المتزايدة المرتبطة بهذه الوسيلة. ويأتي هذا القرار في ظل غياب إطار تشريعي واضح ينظم استخدام السكوتر الكهربائي، الذي انتشر بشكل كبير كوسيلة انتقال سهلة ومنخفضة التكلفة في العاصمة المصرية المزدحمة.

خلفية القرار وتنامي الظاهرة
شهدت شوارع القاهرة الكبرى في السنوات الأخيرة انتشاراً ملحوظاً للسكوتر الكهربائي، سواء المملوك للأفراد أو التابع لشركات متخصصة في التأجير. وقد لاقت هذه الوسيلة رواجاً كبيراً بين فئة الشباب والطلاب والموظفين كحل عملي للتنقل للمسافات القصيرة أو ما يعرف بـ "الميل الأخير"، خاصة في ظل التكدس المروري. إلا أن هذا الانتشار السريع لم يواكبه وضع ضوابط وقوانين تنظم حركته، مما أدى إلى حالة من الفوضى المرورية وزيادة المخاطر على الطرق.
دوافع الحظر: السلامة المرورية في المقام الأول
أكدت الإدارة العامة للمرور والجهات المعنية في محافظتي القاهرة والجيزة أن قرار الحظر جاء استجابة لعدة دوافع رئيسية، تصب جميعها في مصلحة الحفاظ على السلامة العامة. وتتضمن أبرز هذه الأسباب:
- ارتفاع معدل الحوادث: تم تسجيل زيادة كبيرة في الحوادث التي يكون السكوتر الكهربائي طرفاً فيها، والتي أسفرت عن إصابات خطيرة وفي بعض الحالات وفيات، نظراً لضعف هيكله وعدم توفير حماية كافية للسائق.
- غياب التراخيص والضوابط: يعمل مستخدمو السكوتر الكهربائي دون الحاجة إلى رخص قيادة، كما أن المركبات نفسها غير مرخصة ولا تخضع لأي مواصفات فنية أو معايير أمان معتمدة.
- السلوكيات الخطرة: رصدت الجهات المرورية قيادة العديد من مستخدمي السكوتر بتهور، مثل السير عكس الاتجاه، أو على الطرق السريعة المخصصة للسيارات، أو عدم الالتزام بارتداء خوذة واقية.
- مخاطر على المشاة: شكل استخدام السكوتر على الأرصفة المخصصة للمشاة خطراً مباشراً عليهم، مما أثار شكاوى متعددة من المواطنين.
وبناءً على هذه المعطيات، بدأت حملات أمنية مكثفة خلال أواخر عام 2023 ومطلع عام 2024 لمصادرة أي سكوتر كهربائي يتم ضبطه في الشوارع الرئيسية والمحاور المرورية، مع تحرير محاضر للمخالفين.
ردود فعل متباينة في الشارع المصري
انقسمت آراء المواطنين والخبراء حول القرار. فمن ناحية، أيد عدد كبير من خبراء المرور والمواطنين هذه الخطوة، معتبرين أنها ضرورية لوقف نزيف الأرواح الناجم عن الاستخدام العشوائي لهذه الوسيلة. وأكدوا أن حماية المواطنين يجب أن تكون لها الأولوية القصوى إلى حين وضع إطار قانوني شامل ينظم هذه الظاهرة. وفي المقابل، أعرب مستخدمو السكوتر عن استيائهم، حيث اعتبروا القرار حرماناً لهم من وسيلة انتقال اقتصادية وصديقة للبيئة تساهم في حل مشكلة الزحام. كما أبدت الشركات المستثمرة في هذا المجال قلقها من تأثير القرار على استثماراتها، مطالبة بفتح حوار مجتمعي لوضع حلول تنظيمية بدلاً من الحظر الكامل.
نحو مستقبل منظم: البحث عن حلول بديلة
أشار مسؤولون إلى أن الحظر الحالي قد لا يكون حلاً نهائياً، بل هو إجراء مؤقت لتقييم الوضع ووضع الأطر التنظيمية المناسبة. وتتجه النقاشات حالياً نحو دراسة عدة مقترحات لتنظيم استخدام السكوتر الكهربائي في المستقبل، ومنها تحديد سرعات قصوى له، وتخصيص مسارات محددة لسيره بعيداً عن حركة السيارات السريعة، وإلزام المستخدمين بالحصول على تراخيص وارتداء معدات السلامة اللازمة. يبقى مستقبل السكوتر الكهربائي في أكبر مدينتين مصريتين مرهوناً بالقدرة على إيجاد توازن دقيق بين تشجيع وسائل النقل الحديثة وضمان سلامة جميع مستخدمي الطريق.





