قمة في البيت الأبيض: الرئيس الأمريكي يبحث مع نظيره الأوكراني سبل تعزيز الدعم ومستقبل الصراع
في خطوة تعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين واشنطن وكييف، استقبل البيت الأبيض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في زيارة عمل مهمة للقاء نظيره الأمريكي جو بايدن. تأتي هذه القمة، التي جرت في أواخر عام 2023، في فترة حاسمة من الصراع الدائر مع روسيا، حيث تسعى أوكرانيا لضمان استمرارية تدفق الدعم العسكري والمالي لمواجهة التحديات المتصاعدة في ساحة المعركة.

خلفية اللقاءات المتكررة
لم تكن هذه الزيارة هي الأولى من نوعها؛ فمنذ بدء الغزو الروسي الشامل في فبراير 2022، أصبحت اللقاءات المباشرة بين الرئيسين بايدن وزيلينسكي ركيزة أساسية في تنسيق الاستجابة الدولية. تُعد هذه الزيارات مناسبة لتجاوز القنوات الدبلوماسية التقليدية وإجراء محادثات صريحة حول الاحتياجات العسكرية الملحة، والاستراتيجيات المستقبلية، وسبل حشد الحلفاء. كما تحمل هذه الاجتماعات رمزية قوية، حيث تبعث برسالة وحدة وتحدٍ في وجه العدوان، وتؤكد على الالتزام الأمريكي بأمن أوكرانيا وسيادتها.
محاور النقاش الرئيسية
تركزت المباحثات خلال القمة الأخيرة على مجموعة من القضايا الحيوية التي تشكل مستقبل الصراع وجهود أوكرانيا للدفاع عن نفسها. كانت الأولوية القصوى هي تأمين حزم مساعدات إضافية في ظل نقاشات محتدمة داخل الكونغرس الأمريكي حول حجم التمويل المستقبلي ومدته. وشملت أجندة النقاشات ما يلي:
- الدعم العسكري النوعي: تم التركيز على ضرورة توفير أسلحة أكثر تقدمًا، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي مثل صواريخ باتريوت لمواجهة الهجمات الجوية الروسية، بالإضافة إلى الذخائر والمدفعية بعيدة المدى، وتسريع برامج تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات F-16.
- المساعدات الاقتصادية والإنسانية: ناقش الطرفان أهمية الدعم المالي المباشر للميزانية الأوكرانية لضمان قدرة الحكومة على تقديم الخدمات الأساسية لمواطنيها، مثل دفع الرواتب والمعاشات التقاعدية، ودعم قطاع الطاقة الذي تعرض لأضرار جسيمة.
- تشديد العقوبات على روسيا: بحث الرئيسان سبل تعزيز الضغط الاقتصادي على موسكو من خلال فرض عقوبات جديدة وسد الثغرات في الأنظمة الحالية لمنع روسيا من تمويل آلتها الحربية.
- رؤية السلام وإعادة الإعمار: استعرض الرئيس زيلينسكي "صيغة السلام" الأوكرانية المكونة من عشر نقاط، والتي تدعو إلى انسحاب القوات الروسية بالكامل واستعادة وحدة أراضي أوكرانيا. كما تطرقت المباحثات إلى الخطط طويلة الأمد لإعادة إعمار البلاد بدعم دولي.
أهمية الزيارة وتوقيتها
جاءت الزيارة في توقيت دقيق، حيث تواجه الإدارة الأمريكية تحديات في تمرير حزمة مساعدات ضخمة لأوكرانيا عبر الكونغرس. وهدفت زيارة زيلينسكي إلى مخاطبة صانعي القرار والجمهور الأمريكي بشكل مباشر، مؤكدًا أن دعم بلاده ليس عملاً خيريًا، بل هو استثمار في الأمن العالمي والديمقراطية. سعت القمة إلى إعادة الزخم السياسي للدعم المقدم لأوكرانيا، والتأكيد على أن الولايات المتحدة ما زالت تقف بثبات إلى جانب حليفتها.
النتائج والتصريحات المشتركة
في مؤتمر صحفي مشترك عقب المباحثات، جدد الرئيس بايدن التأكيد على التزام إدارته "الثابت" و"غير المشروط" بدعم أوكرانيا "للمدة التي يتطلبها الأمر". وأعلنت الإدارة الأمريكية بالتزامن مع الزيارة عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة بقيمة مئات الملايين من الدولارات من المخزونات الأمريكية الحالية، كإجراء عاجل لتلبية الاحتياجات الفورية للجيش الأوكراني. من جانبه، أعرب الرئيس زيلينسكي عن امتنانه العميق للدعم الأمريكي، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن بلاده بحاجة إلى المزيد من الأدوات لتحقيق نصر حاسم في ميدان المعركة وإنهاء الحرب بشروط عادلة.





