البيت الأبيض يفرض قيوداً على دخول الصحفيين إلى منطقة حيوية في جناحه الغربي
في تطور لافت أثار قلق الأوساط الإعلامية، فرضت الإدارة الأمريكية مؤخراً قيوداً جديدة على وصول الصحفيين المعتمدين إلى منطقة رئيسية داخل الجناح الغربي للبيت الأبيض، والمعروفة بشكل غير رسمي باسم «منطقة الصحافة العليا». وبموجب التوجيهات الجديدة الصادرة عن مجلس الأمن القومي، لم يعد بإمكان المراسلين الدخول إلى هذه المنطقة أو التواجد فيها دون الحصول على إذن مسبق أو مرافقة من أحد موظفي البيت الأبيض.

خلفية القرار وتبريرات الإدارة
تُعد «منطقة الصحافة العليا»، وهي مساحة تقع خارج المكتب الإعلامي للبيت الأبيض مباشرة، نقطة محورية للعمل الصحفي لعقود طويلة. وقد استخدمها المراسلون تاريخياً كمكان للتجمع، وانتظار المسؤولين، وإجراء مقابلات سريعة وغير رسمية مع كبار الموظفين أثناء تنقلهم داخل الجناح الغربي. وكانت هذه المساحة المفتوحة تسهل التفاعلات العفوية التي غالباً ما تسفر عن أخبار هامة وتوفر رؤى أعمق حول سياسات الإدارة.
برر مجلس الأمن القومي في مذكرته الرسمية هذا الإجراء بأنه يأتي استجابة لـ «مخاوف أمنية» تتعلق بالازدحام وعدم التنظيم في هذا الممر الحيوي. وأشارت المذكرة إلى أن المنطقة أصبحت مكتظة بشكل متزايد، مما قد يشكل تحديات لوجستية وأمنية. ووفقاً للبيت الأبيض، فإن الهدف من القاعدة الجديدة هو ضمان بيئة عمل منظمة وآمنة لجميع الموظفين والزوار، وليس تقييد عمل الصحافة.
ردود فعل المؤسسات الصحفية
قوبل القرار بمعارضة شديدة وفورية من قبل رابطة مراسلي البيت الأبيض (WHCA)، التي تمثل الصحفيين العاملين في تغطية شؤون الرئاسة. وفي بيان حاد اللهجة، وصفت الرابطة هذه القيود بأنها «غير مقبولة» وتمثل تراجعاً كبيراً في مستوى الشفافية الذي التزمت به الإدارات السابقة من كلا الحزبين.
أكدت الرابطة أن هذه الخطوة ستعيق بشكل كبير قدرة الصحفيين على أداء واجبهم في مساءلة المسؤولين الحكوميين نيابة عن الشعب الأمريكي. وأوضحت أن التفاعلات غير المجدولة في تلك المنطقة تعد جزءاً لا يتجزأ من عملية جمع الأخبار. ومن أبرز الاعتراضات التي أثارتها المؤسسات الصحفية:
- تقويض الشفافية: ترى الرابطة أن منع الوصول الحر يقلل من فرص طرح الأسئلة الصعبة والعفوية على المسؤولين بعيداً عن المؤتمرات الصحفية الرسمية والمعدة مسبقاً.
- إنهاء عرف تاريخي: يشكل القرار قطيعة مع تقليد طويل الأمد من الانفتاح النسبي، مما يبعث برسالة سلبية حول علاقة الإدارة الحالية بالصحافة.
- تأثير سلبي على التغطية: يخشى المراسلون من أن تؤدي هذه القيود إلى تغطية إعلامية أكثر سطحية، تعتمد بشكل أكبر على البيانات الرسمية بدلاً من التفاعلات المباشرة.
الأهمية والسياق الأوسع
يتجاوز هذا الإجراء كونه مجرد تغيير لوجستي، إذ يمس جوهر العلاقة المتوترة أحياناً بين السلطة التنفيذية ووسائل الإعلام. وينظر إليه العديد من المراقبين على أنه محاولة من الإدارة لفرض سيطرة أكبر على الروايات الإخبارية الصادرة من البيت الأبيض، والحد من فرص وصول الصحفيين إلى مصادر المعلومات بشكل مستقل. ويأتي هذا التطور في سياق عالمي يشهد تزايد التحديات التي تواجه حرية الصحافة، مما يجعله ذا أهمية خاصة. وبينما تصر الإدارة على أن دوافعها أمنية وتنظيمية بحتة، يواصل المجتمع الصحفي الضغط من أجل التراجع عن القرار، مؤكداً أن الوصول الحر للمعلومات يظل حجر الزاوية في أي نظام ديمقراطي شفاف.





