قوات الدعم السريع تعلن السيطرة مجدداً على مدينة بارا الاستراتيجية بشمال كردفان
أعلنت قوات الدعم السريع في بيانات صدرت خلال الأيام القليلة الماضية عن تمكنها من إحكام سيطرتها الكاملة مرة أخرى على مدينة بارا، الواقعة في ولاية شمال كردفان. يأتي هذا التطور في سياق معارك متواصلة ومتبادلة بينها وبين الجيش السوداني للسيطرة على المواقع الحيوية في الولاية، مما يعكس الأهمية الاستراتيجية للمدينة في مسار الصراع الممتد منذ أكثر من عام.

الأهمية الاستراتيجية لمدينة بارا
تكتسب مدينة بارا أهمية خاصة نظراً لموقعها الجغرافي الذي يجعلها نقطة ارتكاز حيوية في ولاية شمال كردفان. تقع المدينة على بعد حوالي 50 كيلومتراً شمال مدينة الأبيض، عاصمة الولاية وأكبر قواعد الجيش السوداني في المنطقة. كما أنها تشكل حلقة وصل رئيسية على الطريق الذي يربط العاصمة الخرطوم بإقليم دارفور غرباً، وهو ما يجعل السيطرة عليها أمراً حاسماً للتحكم في خطوط الإمداد والتحركات العسكرية لكلا الطرفين. السيطرة على بارا تمنح قوات الدعم السريع عمقاً استراتيجياً وتؤمن طرق إمدادها نحو معاقلها في دارفور، بينما تشكل في المقابل ضغطاً كبيراً على قوات الجيش المتمركزة في الأبيض.
خلفية وتطورات الصراع في المنطقة
لم تكن هذه المرة الأولى التي تشهد فيها مدينة بارا تبدلاً في السيطرة. منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023، كانت المدينة مسرحاً لعمليات كر وفر بين الجيش والدعم السريع. فبعد سيطرة أولية لقوات الدعم السريع على أجزاء واسعة من الولاية، أعلن الجيش السوداني في أوقات سابقة عن نجاحه في استعادة المدينة أو طرد عناصر الدعم السريع منها. إلا أن الإعلان الأخير يشير إلى هجوم جديد ومنسق من قبل قوات الدعم السريع نجح في بسط نفوذها على المدينة ومحيطها بالكامل. وتأتي هذه العملية ضمن استراتيجية أوسع للدعم السريع تهدف إلى تطويق المدن الكبرى التي لا تزال تحت سيطرة الجيش، مثل الأبيض، وقطع طرق الإمداد عنها تمهيداً لمحاولة السيطرة عليها.
التداعيات العسكرية والوضع الإنساني
يترتب على استعادة السيطرة على بارا عدة تداعيات ميدانية وإنسانية. من الناحية العسكرية، يعزز هذا التقدم موقف الدعم السريع التفاوضي والميداني، ويضع المزيد من الضغط على حامية الجيش في الأبيض. أما من الناحية الإنسانية، فقد أدت جولات القتال المتكررة إلى تفاقم الأوضاع المعيشية للسكان المدنيين، الذين يعانون من انقطاع الخدمات الأساسية ونقص حاد في المواد الغذائية والمستلزمات الطبية. وقد أسفرت الاشتباكات الأخيرة عن موجات نزوح جديدة من المدينة والقرى المحيطة بها، حيث يبحث الأهالي عن مناطق أكثر أمناً، مما يزيد من حجم الأزمة الإنسانية في ولاية شمال كردفان التي تستضيف بالفعل أعداداً كبيرة من النازحين من مناطق أخرى.
يمثل هذا التطور الميداني حلقة جديدة في مسلسل الصراع السوداني المعقد، ويبرز استمرار حالة عدم الاستقرار في المناطق الواقعة خارج العاصمة الخرطوم، مع استمرار غياب أي أفق لحل سياسي ينهي معاناة الملايين من السودانيين.




